نيويورك ــ الأخبارأوقفت محكمة الجنايات الدولية، أول من أمس، الدعوى التي تنظر فيها بحق توماس لوبانغا من الكونغو الديموقراطية، نتيجة «أخطاء ارتكبها المدعي العام لويس مورينو أوكامبو في كتابة محضر الاتهام». وبناءً على هذا التطوّر، يتشكّك دبلوماسيون رفيعو المستوى في نيويورك في احتمال أن تقبل المحكمة طلب أوكامبو إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير. ورفضت محكمة الجنايات الدولية طلب أوكامبو بفرض تجميد أرصدة توماس لوبانغا، وهو قائد ميليشيات تجنيد المراهقين في شرق الكونغو، بينما وافقت على دفع 25 ألف يورو، لقاء تسوية دعوى قضائية رُفعَت ضدّه من قبل أحد مساعديه «لمحاولة إكراه صحافية على ممارسة الجنس معه».
وبناءً على قضيّة «الفضيحة الجنسيّة»، والخطأ الذي ارتكبه أوكامبو في كتابة محضر اتهام مجرم الحرب لوبانغا، فقد توقّع عدد من الدبلوماسيين أن يؤول طلبه بتوقيف البشير بتهم «ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية» إلى المصير نفسه.
ولاحظ دبلوماسيون أنّ جميع القضايا التي تولّتها محكمة الجنايات الدولية منذ تأسيسها في 2003، تنحصر في القارة الأفريقية وحدها، إما بناءً على طلبات من حكام أفارقة، أو بناءً على مبادرة ذاتية من المحكمة، «وهو ما يفتح المجال أمام تورّطها في النزاعات الداخلية بين الحكومات ومعارضيها» بحسب عدد من الخبراء.
ولا يستبعد دبلوماسيون مطّلعون أن تهمل محكمة الجنايات الدولية طلب أوكامبو بإصدار مذكرة توقيف بحق البشير، لأنّ المحكمة لم توجّه تهمة الإبادة الجماعية إلى لوبانغا، مع أن هذه التهمة وُجِّهَت له من قضاء بلاده. كما أن المحكمة غضّت الطرف عن جرائم قوات يوري موسفيني في شمال أوغندا حرصاً على تحقيق المصالحة الوطنية، لكن المصالحة لم تتم وانهارت محادثاتها في ما بعد.
وفي قضية البشير، تعارض فرنسا، نيابة عن الاتحاد الأوروبي، تحريك الفقرة 16 من نظام المحكمة في مجلس الأمن الدولي لتجميد التحقيقات بحق البشير لمدة عام. في المقابل، فهي تطلب من السودان تسليم المطلوبين أحمد هارون وعلي كشيب، كشرط أول للتفاوض حول الخطوات اللاحقة.
وفي هذا السياق، قال مندوب فرنسا الدائم لدى المجلس، جان موريس ريبير، «ليس هناك مفاوضات مع الحكومة السودانية، وليس هناك تفكير بالمقايضة. وإذا ما أثير الموضوع غداً في مجلس الأمن، فإن موقف فرنسا واضح للغاية، سنعارض أي طلب بتطبيق الفقرة 16 المتعلقة بالإجراءات في السودان ودارفور».
في هذا الوقت، وبدعوة من وزير خارجية الجزائر مراد مدلسي، عقدت كتل دولية كبرى في نيويورك مساء أول من أمس، اجتماعاً رفيع المستوى لتنسيق المواقف الدبلوماسية بشأن قضية البشير مع محكمة الجنايات الدولية، وخصوصاً أنّ قضية الرئيس السوداني المتهم بجرائم حرب، ستكون موضوعاً رئيسياً لكلمات عدد من زعماء الدول الذين سيلقون خطاباتهم في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأسبوع الجاري. وقد ضمّ الاجتماع، إلى وزير خارجية إيران منوشهر متكي، الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، وكبار المسؤولين من وزراء وسفراء عرب ومسلمين ومن الاتحاد الأفريقي وكتلة عدم الانحياز. وتمّ توزيع وثيقة تشرح «مدى تعاون السودان لجلب مرتكبي الجرائم إلى العدالة»، وتطالب بسحب القضية بواسطة مجلس الأمن الدولي وتجميدها في الوقت الراهن بموجب الفقرة 16 من نظام المحكمة.
وفي السياق، قال موسى، لـ«الأخبار»، «نريد علاج هذه القضية من منطلق التنسيق السابق والقرارات التي أخذناها سابقاً على مستوى الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، للعمل على تأجيل هذا الموضوع بأكمله، ووضعه جانباً في الوقت الحالي».