كانت وجهات نظر زعماء العالم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أمس شديدة الخلاف في كل المسائل، لكنها بدت متفقة على أن مشاكل هذا العالم أكثر حدّة من أيّ وقت مضى، سواء على صعيد الأزمتين المالية والغذائية أو على صعيد الأمن والسلام والأمراض والبيئة والطاقة. واللافت في الكلمات أنها ركزت على خطورة تحكّم الأقوياء بالضعفاء
نيويورك ـ نزار عبود
دعا الرئيس الأميركي، جورج بوش، في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، إلى مواصلة الحرب على الإرهاب ونصرة «ثورة الأرز» وجورجيا وأوكرانيا وأفغانستان، فيما كان خطاب نظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي، مهادناً لروسيا، وداعياً إلى إعادة صياغة النظام الرأسمالي، من دون أن يتطرّق إلى الوضع اللبناني.
ولم تخلُ كلمة من الكلمات من التحذير من مخاطر انجرار العالم إلى كساد شامل.
في الافتتاح، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، من مخاطر تبدد كل الازدهار الاقتصادي الذي تحقق، وقال إن ذلك سيكون «مأسوياً» لأن النمو الاقتصادي «أنقذ مليارات البشر من براثن الفقر». وعدّد التحديات التي يواجهها العالم بأنها أزمات مالية وغذائية وفي مجال الطاقة والاحتباس الحراري، مؤكداً أن العالم يواجه حالياً تحدّياً يتمثل في غياب «قيادة عالمية» لمواجهة هذه الأزمات.
وشدّد بان على خطورة أزمة الغلاء التي ما زالت تهدد بالمجاعة، داعياً إلى صنع ثورة خضراء في أفريقيا. وانتقد تقصير المجتمع الدولي الذي «لم يقرن القول بالفعل» قائلاً إن «السلام والأمن في خطر، والأمم المتحدة لم تحصل على الدعم الكافي لنشر القوات في دارفور». كذلك انتقد وضع الأمم المتحدة، ودعا إلى إصلاحها بما يجعلها تحتفظ بكفاءاتها، مقرّاً بأن السياسة ليست «أبيض وأسود».
بدوره، قال رئيس دورة الجمعية العامة، ميغيل ديسكوتو بروكمان، إن العالم بات في وضع أسوأ مما كان عليه قبل 63 عاماً من حيث احترام الإنسان وأمنه. وأضاف إن العالم يواجه اليوم أزمات «أخلاقية واقتصادية وأمنية»، متمنياً ألا تتحول الأزمات «إلى مأساة». وطالب بأن يحل التضامن الإنساني محل الأنانية. ورأى أن انعدام المساواة يمثّل «قنبلة موقوتة». كما تحدث عن مآسي العالم التي لم تجد حلولاً، وعلى رأسها قضية فلسطين. وقال إن عدداً ضئيلاً من الدول يتحكّم بالعالم. وانتقد بروكمان فقدان الديموقراطية في الأمم المتحدة، منبهاً إلى أن القرارات الحساسة لا تمر بالجمعية العامة، بل في مجلس الأمن الذي يمثّل قلة تعتبر نفسها العالم بأسره.
أمّا رئيس البرازيل، لولا دي سيلفا، فقد حذّر من ناحيته، من أن الأزمة المالية واقع مرير، واصفاً إياها بأنها تهدد العالم بكارثة. وطالب بقرارات حاسمة من الدول الأقوى التي تهدد ملايين البشر.
من ناحيته، ركّز جورج بوش، خلال كلمته الأخيرة من نوعها قبل مغادرته لمنصبه، على الإرهاب والدول الراعية له. ودعا إلى حماية الديموقراطية في لبنان وجورجيا وأوكرانيا وأفغانستان والعراق.
وحدد بوش الإرهاب بـ«العمليات الانتحارية وأخذ الرهائن»، معتبراً انها أمور غير شرعية. وقال إن ليبيا والسعودية وباكستان تحارب الإرهاب، بينما دول «مثل سوريا» تواصل دعم الإرهاب و«تُعزل في العالم».
كذلك هاجم بوش إيران قائلا إنه ينبغي «محاربة انتشار الأسلحة النووية وفرض عقوبات على كوريا الشمالية وإيران». ويجب «مواجهة أيديولوجيا الإرهابيين الذين يمنعون حرية العقيدة ويقمعون المرأة».
كما تحدث عن الذين يتجاهلون الأخلاق وتعاليم الإنجيل والقرآن. وتطرق إلى الوضع اللبناني، معتبراً أن «ثورة الأرز اختارت الحرية». وقال إن «شعب لبنان يكافح من أجل حماية استقلاله». وكذلك شعب جورجيا الذي تعرض لـ«غزو روسي». ودعا إلى حماية جورجيا وتقديم المساعدات لها مع لبنان وأوكرانيا وأفغانستان والعراق وغيرها من الديموقراطيات.
وحول الوضع المالي، تطرّق بوش إلى دور منظمة التجارة العالمية، معتبراً أن «فشل جولة الدوحة مخيّب للأمل، لكن هذا لا ينبغي أن يكون المطاف الأخير».
من ناحيته، قال الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، إن «أوروبا تودّ التخاطب مع الجميع، فيما يمرّ العالم بمشاكل كبيرة. هناك مسؤولية كبيرة تقع على الأمم المتحدة». وأضاف «لا نستطيع أن نحكم العالم في القرن الحادي والعشرين من خلال مؤسسات القرن العشرين».
وقال ساركوزي، بوصفه الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي، «لأنها تريد السلام، تتوجه أوروبا إلى روسيا لتقول لها إنها تريد أن تقيم معها مستقبلاً مشتركاً». وتابع إن «أوروبا لا تريد الحرب الباردة. أوروبا تريد السلام والسلام ممكن دائماً عندما نريد ذلك». وطالب أيضاً بدراسة «أسوأ أزمة مالية حلّت بالعالم منذ الثلاثينيات، وبالعمل معاً من أجل إعادة صياغة الرأسمالية ومؤسساتها المصرفية».
أما الأمير القطري، حمد بن جاسم آل خليفة، فقد ذكر أن السلم يقتضي العدل الاقتصادي والاجتماعي بين الشعوب. وربط ذلك بالتنمية، وبالسلم الإيجابي بتوفير الفرص المتساوية للشعوب. وأعلن أن قطر تستعدّ لعقد مؤتمر التعاون الدولي لتمويل التنمية للسلم السياسي والاجتماعي، داعياً إلى حضور عالي المستوى.
وأثار الرئيس التركي عبد الله غول، أيضاً مخاطر الأزمات المالية والاقتصادية والإرهاب والتطرّف، ودعا إلى اليقظة حيالها مع احترام الثقافات والأديان. وقال إن «تركيا تعزز السلام والحوار من أجل مشاركة الدول المجاورة في معاهدة التعاون الإقليمية. وأطلقت تركيا مبادرة لمنع نشوب النزاعات في القوقاز كإطار إقليمي ديموقراطي».


ساركوزي يرفض مصافحة نجاد

نيويورك ـ الأخبار
عقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، مؤتمراً صحافياً بعد إلقاء كلمته في الجمعية العامة، قال فيه إنه يرفض مصافحة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بسبب مشاعره حياله بعد دعوته إلى محو إسرائيل، مضيفاً أن حواره مع الرئيس السوري بشار الأسد يعود إلى الدور الذي يمكن أن يؤديه كوسيط مع إيران.
وقال ساركوزي «صعب عليّ مدّ اليد إلى رجل دعا إلى محو إسرائيل. مثل هذا القول غير مقبول. إيران دولة عظيمة. ذات حضارة عريقة، وتستحق السلام. وفرنسا مستعدة لمساعدتها على بناء طاقة نووية للأغراض المدنية. لكن وجود أسلحة نووية للاستخدام العسكري في يد الرئيس نجاد غير مقبول. لكن لحسن الحظ، فإن مصادر القوة في إيران متعددة. وهناك أناس يمكن الحديث معهم».
وأضاف «دخلت في حوار مع الرئيس السوري لأنني مقتنع بأنه بالنظر إلى العلاقات التاريخية القائمة بين سوريا وإيران، بوسع الرئيس الأسد مساعدتنا على جعل إيران تمضي قدماً».








ساركوزي: مسؤولية كبيرة تقع على الأمم المتحدة. لا نستطيع أن نحكم العالم في القرن الحادي والعشرين بمؤسسات القرن العشرين


أمير قطر: السلم يقتضي العدل الاقتصادي والاجتماعي بين الشعوب وربط ذلك بالتنمية وبتوفير الفرص المتساوية للشعوب


غول: تركيا تعزز السلام والحوار من أجل المشاركة في معاهدة التعاون الإقليمية وقد أطلقت مبادرة لمنع نشوب النزاعات في القوقاز