واصل زعماء العالم، لليوم الثاني على التوالي، إلقاء كلماتهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة مع تركيز على الأزمات البيئية والمالية والغذائية والأمنية وحقوق الإنسان، من دون أن تغيب الأزمات السياسيّة، وخصوصاً الصراع العربي ــ الإسرائيلي
نيويورك ـ نزار عبود
استغل الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، أمس منبر الأمم المتحدة ليحمل العرب مسؤولية الصراع، مشيراً إلى أنهم «رفضوا فكرة الدولتين منذ القرار 181 في 1947، وقبلته إسرائيل»، مشدداً على أن الدولة العبرية «أعادت الأراضي لمصر والأردن والموارد الطبيعية بعد توقيع معاهدتي سلام».
وأشار بيريز إلى أن «إسرائيل مستعدة للحوار بشأن كل المسائل»، مستبعداً توقيع اتّفاق سلام قريب مع الفلسطينيين بسبب الخلافات المستمرة. ودعا العرب إلى أن يحذوا حذو الرئيس المصري الراحل أنور السادات ويأتوا إلى القدس. وأعرب عن ثقته بأن الرئيس محمود عباس لن يضيع فرصة السلام بعد تضييق الخلافات، مضيفاً أن إسرائيل «ستوافق مسرورة على أي دعوة إلى عقد لقاء عربي».
واتهم بيريز حزب الله بقطع طريق السلام و«حماس» بأنها «حولت قطاع غزة إلى قاعدة لإطلاق الصواريخ. وقسمت الفلسطينيين». وطالب بالإفراج عن الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط فوراً. كذلك طالب الجمعية العامة بأن تجعل الإفراج عنه في مقدمة أولوياتها. واتهم إيران بالمسؤولية عن العنف في المنطقة، مقترحاً إقامة سلام فوري مع لبنان. كذلك دعا سوريا إلى الدخول في مفاوضات مباشرة.

قرضاي

بدوره، قال الرئيس الأفغاني، حميد قرضاي، إن النجاح في محاربة الإرهاب في بلاده لن يتأتى «إلا بتمكين المجتمعات المحلية من التصدي»، مطالباً بتنفيذ الوعود بمساعدة أفغانستان مالياً حسب مؤتمر باريس. وطالب بـ«أفغنة العملية التنموية»، مشدداً على أنه يقطع أشواطاً في محاربة الفساد. كذلك أشار إلى تراجع إنتاج الأفيون 20 في المئة عن العام الماضي، وأنه ضاعف الجهود على الحدود. وأبدى تعاطفاً مع الفلسطينيين، داعياً إلى إقامة دولة فلسطينية عاجلاً.

موراليس

وفي كلمته أمام الجمعية العامة، حمّل رئيس بوليفيا، إيفو موراليس، مشاريع الخصخصة المسؤولية عن الأزمة المالية العالمية السائدة. وتحدث عن فوائد التأميم الذي قام به في القطاع النفطي، قائلاً «إن بوليفيا حصلت في 2005 على عائدات نفطية بقيمة 300 مليون دولار. لكن هذا المبلغ ارتفع إلى مليار و930 مليوناً في العام الماضي». وأضاف أن «المجموعات النفطية» لا تتوقف عن التآمر على بلاده، واعداً بتوزيع الثروة على المناطق النائية المحرومة. وأكد أن شعبيته بلغت 67 في الاستفتاء الأخير.
وانتقد موراليس الولايات المتحدة، التي «لم تدن الأعمال الإرهابية» التي وقعت في بوليفيا مع أنها «تدعي محاربة الإرهاب»، متهماً إياها بمحاربة أي نظام لا يعتنق المبادئ الرأسمالية. وأضاف أنه عند تغيير النظام في 2006 وجد تورطاً للمخابرات المركزية الأميركية في بلاده إلى حد إقامة مكتب لها في القصر الرئاسي. ووصف الرأسمالية بأنها «أسوأ صديق للبشرية».

ساكاشفيلي

تقدم الرئيس الجورجي، ميخائيل ساكاشفيلي، أمام الأمم المتحدة بمشروع لما وصفه بـ«ثورة وردية ثانية» داعياً أعضاء الأمم المتحدة إلى الاتفاق على عدم الاعتراف بأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا وإيجاد «نظام لحل النزاعات ذي مغزى» وإلى المحافظة على وقف النار الحالي.
المشروع يقضي بزيادة الديموقراطية في البلاد، وتقديم معونات مالية لأحزاب المعارضة وضمان حصولها على مزيد من الوسائل الإعلامية. وينوي منح استقلال أكبر للبرلمان والقضاء.

فانتورا

أما مندوب كوبا لدى الأمم المتحدة، خوزيه رامون فانتورا، فانتقد النظام الرأسمالي بشدة وحمله مسؤولية الأزمات وتهديد مستقبل سكان العالم. وقال: «نعيش اليوم في أوقات حاسمة من زمان البشرية، السلام والعدالة والتنمية المستدامة هي الضمان الوحيد للمستقبل». ودعا إلى البحث عن نظام ديموقراطي حقيقي يقوم على التضامن والعدالة بما يزيل الظلم والحرمان. ورأى أن «أهداف الألفية لا تزال حلماً بالنسبة إلى الشعوب»، سارداً إحصاءات عن الفقر والعوز والأمية ونقص الخدمات الصحية. وقال إن «هاييتي وكوبا وغيرهما من دول الكاريبي أمثلة على الشقاء بسبب تغير المناخ».
وانتقد المندوب الكوبي «الدعم الزراعي في الدول الغنية، بينما تمنع الدول الفقيرة من التنمية بسببه». وأضاف أنه «جاء لإسماع صوت حركة عدم الانحياز ومليارات البشر الذين يتطلعون للعدالة». وحذر من أن المركب سيغرق بالجميع بسبب أنانية الأغنياء.
ودعم مندوب كوبا حق بورتوريكو بالاستقلال، ودان الأحادية الدولية. واتهم الولايات المتحدة بتهديد مجلس حقوق الإنسان بعد تقويض عمل اللجنة الدولية لحقوق الإنسان. وقال إن «الشعب الكوبي البطل قاوم أطول حصار في التاريخ فرضته الولايات المتحدة». وطالب بموقف من الجمعية حيال الحصار الجائر.


نجاد: رضى واشنطن لا يهمّنا

نيويورك ـ الأخبار
من الصعب على أيّ زعيم في العالم حشد عدد مماثل من الصحافيين في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقدر ما يستطيع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي لا يعرف المجاملة، ولا يحرص عليها.
في القاعة السادسة من مبنى الجمعية العامة، ردّ الرئيس الإيراني على سؤال يتعلق بتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية «السلبي» بقوله إنها تخضع لضغوط شديدة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأن رضى واشنطن عن طهران مستحيل، مضيفاً «أقولها بصوت واضح وعال، إننا لا نريد ولا نهتم بأن نرضي الإدارة الأميركية التي لن تكون راضية عنا بتاتاً».
السؤال الأهم خلال لقاء نجاد مع الصحافيين كان يتعلق دائماً بتهديداته بمحو إسرائيل من الخريطة. لكن الرئيس الإيراني لم ينسق إلى الرد عليه مباشرة، بل كان ردّه أنه مع إجراء استفتاء تحت رعاية دولية لتقرير مصير الشعب الفلسطيني. وهو يقبل بما يرضى به الفلسطينيون، كاشفاً عن أنه سيتقدم بطلب رسمي إلى الأمم المتحدة في وقت قريب لإجراء الاستفتاء.
وحاول بعض الإعلام اللبناني الموالي جرّ نجاد للتحدث عن سلاح المقاومة «كرصيد استراتيجي إيراني»، لكن الخدعة لم تنطل عليه، فقال إن «إيران ليست في خطر. وإنه لا يسع إسرائيل مجرد التفكير في ضرب إيران».
سألته «الأخبار» عن موقفه من الحرب في القوقاز، وعما إذا كان ينوي الاعتراف بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، فاتهم «دولة في الأطلسي» والكيان الصهيوني بإثارة المشاكل في القوقاز. ورأى أنه إذا توقف الأجانب عن التدخل، فسيكون بوسع دول المنطقة حلّ مشاكلها.