إسرائيل تنفي طلب «ضوء أخضر» أميركياً لضرب إيران ونجاد يريد من واشنطن أن «تعطّل جميع نشاطاتها النووية»يبدو أن القوى العظمى قد تغلّبت نسبياً على بعض الإرباك الذي عاشته في الفترة الماضية في تعاطيها مع الأزمة النووية الإيرانية، من خلال اتفاق مفاجئ يؤكّد العقوبات السابقة ولا يدعو إلى تشديدها
اتفق وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا «5+1» أمس، في اجتماع مفاجئ، على تأكيد العقوبات الدولية المفروضة على إيران، فيما انطلقت في طهران وبعض المدن الإيرانية مسيرات الاحتفال بيوم القدس العالمي. وشارك في هذه المناسبة التي أعلنها مؤسس الجمهورية الإسلامية، الإمام الخميني، في آخر يوم جمعة من رمضان كل سنة، عشرات الآلاف من الإيرانيين والإيرانيات الذين ردّدوا شعارات «الموت لأميركا» و«الموت لإسرائيل»، معلنين تضامنهم مع الفلسطينيين و«ضرورة وحدة المسلمين لتحرير القدس من براثن الصهاينة». وفي تطورات الملف النووي، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن وزراء خارجية مجموعة «5+ 1» اتفقوا أمس، خلال اجتماع غير متوقع في نيويورك، على تأكيد العقوبات الدولية المفروضة على إيران.
وقال لافروف، للصحافيين عقب الاجتماع، إن «روسيا تدعم الدعوات السابقة الموجهة إلى إيران، ونحن نرى أن عدم الانتشار النووي مسألة شديدة الأهمية ونؤكد كل القرارات السابقة»، مشدداً على أن «رغبتنا هي تأكيد كل القرارات السابقة» في مشروع قرار دولي جديد.
كذلك، أكد دبلوماسي ألماني أن «مجموعة «5+1» اتفقت على مشروع قرار دولي بشأن إيران. وأضاف «في الوقت نفسه، اتفق الأعضاء على مواصلة اجتماعات المجموعة». وكانت مجموعة «5+1» المعنية بمناقشة الملف النووي الإيراني، والتي تضم ألمانيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا، قد فشلت أول من أمس في عقد اجتماع مماثل بسبب معارضة موسكو.
وفي السياق، تساءل الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، في مقابلة أجرتها معه شبكة «بي.بي.أس الأميركية»، عن عدم إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية «حتى الآن أي تقرير بشأن الطابع السلمي للنشاطات النووية الأميركية»، مضيفاً «أنا أعلن رسمياً اليوم أنه يجب على أميركا أن تعطّل جميع نشاطاتها النووية، وأن على الوكالة كذلك أن تصدر تقريرها حول أنشطة هذا البلد بأسرع وقت ممكن». ووصف نجاد وكالة الطاقة بأنها عاجزة عن أداء مسؤوليتها الرئيسية، مضيفاً أنها «لم تتمكن من القيام بمسؤوليتها بسبب الضغوط، ولكني أتمكن من العمل بمسؤوليتي وأسأل أميركا لماذا يجب أن تمتلك أكثر من 10 آلاف رأس نووي؟»، ومشدداً على أن 160 دولة تدعم نشاطات إيران النووية السلمية.
على صعيد آخر، قال رئيس مجلس خبراء القيادة، إمام جمعة طهران المؤقت أكبر هاشمي رفسنجاني، إن التقرير الأخير للمدير العام لوكالة الطاقة، محمد البرادعي، «خلط بين القدرات الصاروخية والموضوع النووي الإيراني، وهذا يشكّل خطوة جائرة لأنهما لا صلة بينهما»، واصفاً ذلك بأنه «فتنة جديدة». وشدد على أن «الصناعة الصاروخية الإيرانية هي صناعة عسكرية دفاعية معترف بها».
من ناحيته، دعا المدير العام لوكالة الطاقة، محمد البرادعي، في مقابلة مع صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية، الولايات المتحدة إلى التفاوض مباشرة مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وأوضح أنه في هذا الملف «ليست أوروبا من يدير الأمر، بل الولايات المتحدة. وكلما أسرعنا في إجراء مفاوضات مباشرة كانت شروط التوصل إلى حلّ أفضل». ورأى البرادعي أن «الخلاف بشأن الملف النووي لا يمكن حله إلا عبر مفاوضات مباشرة حول الأمن الإقليمي في الشرق الأوسط» تشمل «باقي دول الشرق الأوسط»، وخصوصاً إسرائيل.
واستبعد البرادعي اللجوء إلى الخيار العسكري ضد إيران، مؤكداً في الوقت نفسه أن «العقوبات وحدها لا تحلّ أي مشكلة».
من جهة ثانية، أوضح المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، مارك ريغف، أن «مصدراً أوروبياً، لم يذكر اسمه، نسب لرئيس الوزراء (إيهود أولمرت) كلمات لم يقلها في أي لقاء مع زعماء أجانب»، في إشارة إلى ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس من أن إسرائيل فكّرت في وقت سابق من هذا العام بتوجيه ضربة عسكرية إلى مواقع إيران النووية، لكن الرئيس الأميركي جورج بوش أخطرها بأنه لن يؤيد هذه الضربة.
وذكر موقع «هآرتس» الإلكتروني أن إسرائيل ستكون بحاجة إلى التنسيق مع الولايات المتحدة إذا ما قررت مهاجمة إيران على الأقل لكي تحصل على ممر جوي أثناء عبور الأجواء العراقية.
ونقلت «الغارديان» عن «مصادر دبلوماسية رفيعة» عملت مع رئيس حكومة أوروبية قولها إن «بوش أبلغ إسرائيل أيضاً أنه لن يرجع عن وجهة النظر هذه خلال ما بقي له من فترة رئاسته». وذكرت هذه المصادر أن «أولمرت أثار الأمر حينها في اجتماع منفرد عقده يوم 14 أيار مع بوش خلال الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي إلى إسرائيل في الذكرى الستين لتأسيسها».
وقال أحد المصادر «أخذ (الرفض الأميركي لمنحه الضوء الأخضر) كما هو في ذلك الوقت أن المعارضة الأميركية لن تتغيّر على الأرجح ما دام بوش في المنصب».
وقالت «الغارديان» إن رئيس الحكومة الاوروبية المشار اليه سابقاً اجتمع مع أولمرت بعد وقت قليل من زيارة بوش وإنه على الرغم من أن محادثاتهما كانت حساسة إلى درجة أنه لم يسمح بحضور مدوّنين لمحضر الاجتماع، إلا أن الزعيم الأوروبي كشف بعد ذلك عن فحوى محادثاته مع أولمرت للمسؤولين المحيطين به.
وفي السياق نفسه، كررت المرشحة الأميركية الجمهورية لمنصب نائب الرئيس، سارة بالين، أنه ليس على الولايات المتحدة أن تنتقد إسرائيل إذا ما قررت ضرب إيران. وقالت، في حديث إلى شبكة «سي بي أس» الإخبارية، «لا يجب علينا انتقاد الجهود الأمنية الإسرائيلية لأنه لا يمكننا تحمّل توجيه رسالة مفادها أننا قد نسمح بهولوكوست ثانية. لقد حصلت إسرائيل على الفرصة والقدرة على حماية نفسها. إنهم حلفاؤنا الأقرب في الشرق الأوسط. إننا بحاجة إليهم وهم بحاجة إلينا».
(أ ف ب، أ ب، رويترز، مهر، ارنا، يو بي آي)