العلاقة بين الحليفين الاستراتيجيين في توتر متصاعد بسبب انتهاك الطائرات الأميركية للأراضي الباكستانية، واللغة «التحذيرية» لم تعرفها العلاقة منذ هجمات الحادي عشر من أيلولحذّر الرئيس الباكستاني آصف زرداري، أول من أمس، الحليفة واشنطن من انتهاك سيادة بلاده، وذلك مع تأزّم العلاقة أكثر بعد المناوشات التي وقعت بين طائرات قوات التحالف في أفغانستان والجيش الباكستاني في المناطق القبلية.
ووقع الاشتباك فيما كان زرداري في نيويورك لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أطلق تحذيره من اجتياح قوات التحالف الأراضي الباكستانية، قائلاً: «كما أننا لن نسمح للإرهابيين بأن يستخدموا الأراضي الباكستانية ليشنوا اعتداءات علينا وعلى جيراننا، كذلك لا يمكننا أن نسمح لأصدقائنا بأن ينتهكوا أرضنا وسيادتنا». وأضاف: «التحركات الأحادية الجانب للقوى الكبرى يجب ألا تؤثر على عمل الحلفاء»، محذّراً من أن أي غارات عبر الحدود ستأتي بنتائج عكسية.
ورغم اللهجة التحذيرية، حاول زرداري أن يقلّل من أهمية حادث الاشتباك، قائلاً إنّ عيارات نارية «تحذيرية» أُطلقت على مروحيات «أجنبية» دخلت أجواء البلاد آتية من أفغانستان. لكن دبلوماسيين قالوا إن اللهجة الحادة التي استخدمها، حتى بعد لقائه الرئيس الأميركي جورج بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس على هامش أعمال الجمعية العامة، تؤكد مدى التوتر بين الحليفين في الحرب على الإرهاب.
من جهته، حث المتحدث الحكومي الباكستاني، أكرم شاهدي، قوات التحالف على «عدم انتهاك سيادة بلاده، لأن ذلك له نتائج عكسية للحرب على الإرهاب». وأضاف: «سياسة باكستان تعتمد على عدم السماح لأحد بانتهاك سيادتها، وسنستمر في الدفاع عن أرضنا».
ومن نيويورك أيضاً، رفضت رايس التعليق على الحادث، قائلة إنها «لا تعرف كامل التفاصيل»، لكنّها شدّدت على أنّ «ذلك يؤكد ضرورة معالجة هذه المشكلة»، مضيفة بلهجة دبلوماسية «سنعمل بشكل وثيق مع حكومة باكستان المنتخبة ديموقراطياً».
وكان متحدث باسم الخارجية الأميركية قد قال بعد الاشتباك إن واشنطن تريد تفسيراً من باكستان، مستهزئاً بالقول إن «عناصر طالبان لا يقودون مروحيات».
الحادث الذي وقع أول من أمس، كان الأول من نوعه، فالطائرات الأميركية سبق أن وجّهت ضربات جوية إلى داخل المناطق القبلية، لكن لم يسبق أن وقع تبادل إطلاق نار بين الطرفين.
وقال المتحدث العسكري باسم الجيش الأميركي كيفين والاس، أمس، إنّ «طائرتي استطلاع أميركيتين معروفتين بكيوواس، كانتا تقومان بدورية استطلاعية روتينية في المقاطعة الشرقية لأفغانستان خوست فتلقتا عيارات نارية من الحدود الباكستانية». أما المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، الأدميرال غريغوري سميث، فأشار إلى أنّ المروحيات كانت ترافق الشرطة الأفغانية الحدودية والقوات الأميركية، وعندما أُطلقت النار عليها، ردّت القوات الأرضية، ولكن ليس بقصد إصابة القوات الباكستانية، بل «للتأكّد من أنّهم أدركوا أنّ عليهم الكفّ عن إطلاق النار»، مضيفاً أنّ القوات الباكستانية ردّت واستمرت المناوشات لخمس دقائق. وكانت الدورية المشتركة تتحرك داخل أفغانستان بعيدة نحو 1.6 كيلومتر عن الحدود الباكستانية وتحلّق فوقها المروحيات.
الجيش الباكستاني بدوره، نفى في بيان الرواية الأميركية. وقال إنّ قواته أطلقت عيارات تحذيرية عندما دخلت المروحيات أجواءه، وردّت المروحيات الأميركية بدورها على إطلاق النار. وأوضح أن المسألة حُلّت مع قوات التحالف، فيما قال بيان حلف الأطلسي إنّ الطرفين يعملان معاً لتسوية المسألة.
وأوضح شاهد عيان أنّه رأى مروحتين عسكريتين أجنبيتين وآلية عسكرية خلال الاشتباك، وأعرب عن سعادته لرؤية القوات الباكستانية تطلق النار على المروحيات، وقال: «إذا الجيش أراد مساعدتنا فسنقدّمها له ضدّ الأميركيين».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)