باريس ــ بسّام الطيارةيعترف القاصي والداني بأن العالم بعد هذه الأزمة المالية لن يكون كما كان قبلها، وأنها غيّرت من طبيعة النظام المالي العالمي ومن نمط الاستهلاك ومن نظرة «مواطني العالم» إلى العولمة وإنجازاتها. الدورة السنوية للأمم المتحدة كانت مناسبة للزعماء كي يعبّروا عن خوفهم ويرسلوا إشارات طمأنة إلى مواطنيهم. هكذا فعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في خطابه أمام الأمم المتحدة، قبل أن يسترسل في خطابه في جنوب فرنسا.
وكان ساركوزي قد أطلق «بالون اختبار» قبل ولوجه قاعة الأمم المتحدة عن «إمكان فرض عقوبات على المسؤولين عن الكارثة»، وذلك خلال تلقيه جائزة مؤسس المجلس الأميركي للمحرقة ولقائه حائز جائزة نوبل للسلام الناشط إيلي فيزل.
واقترح ساركوزي، أمام الجميعة العامة عقد قمة قبل نهاية السنة، «للتفكير في العبر التي يجب استخلاصها». ولكن يتفق المراقبون على أن طروحات الرئيس الفرنسي لم تكن موجّهة إلى القاعة التي ازدحم فيها قادة العالم، رغم كل ما حملته من اهتمامات «شمولية معولمة»، بل يصوّب نحو مواطنيه الفرنسيين، وقد برهن صحة هذه التحليلات، إذ إنه حالما أنهى خطابه عاد ليخاطب مواطنيه عن الموضوع نفسه مع إلباسه كساءً فرنسياً محضاً؛ فالرئيس «لا يهتمّ إلّا بالسياسة الداخلية وما يهمه من الخارج هو ما يمكن أن ينعكس على الداخل».
فقد حمّل ساركوزي، في خطابه، الأزمة المالية وزر كل ما يعانيه المواطن الفرنسي، فهو لم يتردد في القول إن الأزمة الاقتصادية والمالية سيكون لها انعكاسات سلبية في الأشهر المقبلة على النمو والبطالة والقدرة الشرائية للفرنسيين، رغم معرفة الجميع أن هذه العوامل الثلاثة هي «نقاط ضعف سياسته» منذ وصوله إلى الحكم.
وحذّر ساركوزي من أن اندماج فرنسا في نظام العولمة سيقودها إلى التأثر بأزمة لم تنته فصولها ولن تكون «في مأمن من الأحداث التي هي في صدد قلب العالم رأساً على عقب». وأشار إلى أن ما يحدث اليوم في النظام العالمي الرأسمالي كشف عن ثُغر خطيرة في الأنشطة المصرفية العالمية، إلّا أنه وعد بألا يخسر أي فرنسي ودائعه في المصارف بسبب المضاربات المالية.
وبعدما أشار إلى أن عمل المصارف هو المساعدة في «النمو الاقتصادي لا المضاربة»، انتقل ساركوزي إلى هدفه الأول من هذا التوجّه المباشر للشعب وهو «متابعة مسيرة الإصلاحات» الموصوفة بـ«سياسة القطيعة» ليؤكد أن الدولة ستلغي 36600 وظيفة في دوائر الدولة بحلول العام المقبل لحصر النفقات ولتخفيف عجز الموازنة.