Strong>توافق على الأمن الأميركي وخطورة روسيا... وخلاف حول إيران والعراق والأزمة الماليّة كانت المناظرة بين المرشح الديموقراطي باراك أوباما، وخصمه الجمهوري جون ماكاين، بمثابة فرصة جديدة للرجلين لإظهار مدى عمق الخلافات بينهما، وتراشق الاتهامات. إلا أن الأهم تمثّل في استطلاعات رأي ما بعد المناظرة، التي رجحت بغالبيتها كفة المرشح الأسمر

واشنطن ــ محمد سعيد
خيّمت الأزمة الاقتصادية على المناظرة بين جون ماكاين وباراك أوباما، التي جرت أول من أمس في جامعة ميسيسيبي في بلدة أكسفورد، والتي استغلها المرشح الديموقراطي للتنكيل بخصمه الذي يتبع سياسة الرئيس الأميركي جورج بوش. إلا أن هذا لم يمنع من التطرق إلى كل القضايا المرتبطة بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، كالحرب على الإرهاب، وملفّات كل من العراق، إيران وروسيا.
ويمكن القول إن المناظرة شكّلت خيبة لماكاين، ولا سيما أن استطلاعات الرأي التي تلتها مالت بمعظمها إلى أوباما؛ فالاستطلاع الذي أجرته شبكة «سي بي إس» الأميركية أظهر أن 40 في المئة من المشاركين يعتقدون بتفوق أوباما على منافسه في النقاش، فيما صوّت 25 في المئة لمصلحة ماكاين. أما شبكة «سي إن إن» الأميركية، فأجرت استطلاعاً على الإنترنت شمل 80500 مشارك، رأى 61 في المئة منهم أن أوباما قدّم نفسه ببراعة، في مقابل 28 في المئة صوّتوا لمصلحة ماكاين. كذلك تفوّق أوباما في أوساط المستقلين بشكل خاص، في مجال الاقتصاد والعراق والعلاقات مع روسيا وإيران.
ولم يكن انعقاد المناظرة محسوماً. إلا أن ماكاين وضع حداً للترقب، بعدما عاد عن قراره الامتناع عن المشاركة بحجة انتظار اكتمال المفاوضات حول خطة الإنقاذ المالي التي طرحتها إدارة بوش، والبالغة قيمتها 700 مليار دولار.
ومع انطلاق المناظرة، توالت الاتهامات المتبادلة. ففي ما يتعلق بالحرب على العراق، شدّد ماكاين على أن «الرئيس الأميركي هو من يقرر توقيت الانسحاب وأساليبه»، قائلاً إن «الحرب أديرت بشكل سيئ في البداية، لكن الولايات المتحدة بدأت تربح اليوم بفضل قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال ديفيد بيترايوس»، متهماً أوباما بأنه «يجهل الفرق بين التكتيك والاستراتيجية».
في المقابل، ذكّر أوباما ماكاين بموقفه الرافض للحرب على العراق، قائلاً «قام الجنرال بيترايوس بعمل رائع، لكنه مجرد تكتيك للسيطرة على المشكلات التي نتجت من تدخلنا في العراق».
وتوجه أوباما إلى ماكاين قائلاً «كنت مخطئاً حين أيّدت غزو العراق، وزعمت أنت ورئيسك أن العراق لديه أسلحة دمار شامل، وتوقعت أن العراقيين سيستقبلونكم استقبال المحررين، وحين استبعدت حدوث صراع بين الشيعة والسنة».
وفي الملف الإيراني، انتقد ماكاين منافسه أوباما لإعلانه «استعداده للجلوس من دون شروط مع زعماء مثل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد»، واصفاً «التسلّح النووي الإيراني بأنه تهديد كياني لدولة إسرائيل، قد يشجع دولاً أخرى في الشرق الاوسط على امتلاك السلاح الذري. ولا يمكننا السماح بحصول هولوكوست جديد».
من جهته، قال أوباما إنه «يحتفظ بحقه كرئيس للبلاد بأن يلتقي من يراه مناسباً، وفي التوقيت المناسب»، موضحاً أن «مسألة الدخول في محادثات مباشرة مع إيران كان قد أشار لها وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، أحد مستشاري ماكاين».
على الصعيد الأمني، استبعد ماكاين احتمال تعرض بلاده لهجوم إرهابي على غرار ما حصل في 11 أيلول 2001، فيما لفت أوباما إلى حاجة بلاده للتركيز على «حظر الانتشار النووي، وإعادة ترميم صورة أميركا في العالم».
واكتفى ماكاين بتكرار لفظ «أنت لا تفهم» لأوباما مرات عديدة في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والاستراتيجية العسكرية ونفوذ الولايات المتحدة في الخارج. وعلى خلفية النزاع الروسي ـــــ الجورجي، انتقد أوباما وماكاين «إجراءات روسيا في ما يتعلق بجورجيا»، لكنهما استبعدا في الوقت نفسه إمكان العودة إلى «الحرب الباردة». وأعلن أوباما أنه «علينا الإصرار على ضم جورجيا وأوكرانيا إلى حلف شمالي الأطلسي، إذا توافرت لديهما الشروط». أما ماكاين، فقال إن «روسيا أصبحت الآن دولة تتغذى على دولارات النفط، فيما يقود الحكومة الروسية عملياً رجال الـ كي جي بي».
وفي إطار الأزمة المالية، اختلف الخصمان بشأن التعامل مع العجز الشديد في الميزانية الذي بلغ نحو 500 مليار دولار. ووصف أوباما خصمه الجمهوري بأنه «التابع المخلص لبوش، الذي يتمتع بأدنى شعبية لرئيس أميركي منذ فضيحة ريتشارد نيسكون في ووترغيت في السبعينيات».
وسيلتقي المرشحان في مناظرتين أخريين، أولاهما في جامعة بلمونت في ناشفيل في 7 تشرين الأول المقبل، والثانية في جامعة هوفسترا في هامبستد في نيويورك يوم 15 تشرين الأول المقبل. فيما يلتقي المرشحان لنائبي الرئيس، الديموقراطي جوزيف بايدن والجمهورية سارا بالين في الثاني من تشرين الأول المقبل.