بول الأشقرحقّق الرئيس الإكوادوري رافائيل كوريا، أول من أمس، نصراً كاسحاً سيسمح له بالمضيّ قدماً في بناء ما يسمّيه «اشتراكية القرن الواحد والعشرين»، وذلك بعدما أقرّ مواطنوه دستوراً جديداً.
وشارك في الاستفتاء ما يقارب 75 في المئة من الإكوادوريين، من أصل 10 ملايين ناخب. وبعد فرز أكثر من ثمانين في المئة من الأصوات، حصل المشروع على موافقة 64 في المئة من الناخبين، فيما رفضه أكثر من 28 في المئة.
وفاز المشروع الدستوري في 21 ولاية من الولايات الـ24 التي تتألّف منها البلاد. وخسر في ولاية صغيرة واحدة هي نابو، وهي معقل الرئيس السابق لوسيو غوتيريز الذي لم يكمل ولايته. والنتائج ما زالت متأرجحة في ولايتي أوريانا وغواياس اللتين تشملان مرفأ غواياكيل، أكبر وأغنى مدينة في الإكوادور. وبعد فرز حوالى 70 في المئة من أصوات الناخبين، حصلت الـ«نعم» على 46 في المئة من الأصوات، في مقابل 47 في المئة للـ«لا».
ويمثل الدستور الجديد، وهو الرقم 20 منذ استقلال البلد عام 1830، قطيعة جذرية مع الدستور السابق الذي سرعان ما تحكمت به الأحزاب السياسية، ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي حالت دون إكمال ثلاثة رؤساء ولاياتهم، هم: عبد الله بو كرم، جميل معوض وغوتييريز. وحوّل الدستور القديم الدولة إلى «مزرعة» عُرفت باسم «الحزبوقراطية».
ورفع الاقتصادي اليساري رافائيل كوريا راية اقتلاع أسس هذه «المزرعة» عندما دخل المعترك السياسي قبل عامين. ويشكل الدستور الوليد، «انعطافة رئاسية» تعيد للرئيس حقّ حل البرلمان، وتجديد الولاية الرئاسية لمرة واحدة.
وتشكل الوثيقة الدستورية أيضاً ضربة موجعة للمبادئ النيو ليبرالية التي تحكمت بدستور عام 1998 والتي سمحت بخصخصة الموارد العامة مثل النفط والهاتف، وأدت إلى إفلاس النظام المصرفي وفرض اعتماد الدولار بدلاً من العملة الوطنية، ما أدى في حينه إلى إطاحة الرئيس جميل معوض.
وقد تم التركيز في النسخة الجديدة على أهمية القطاع العام «مراقباً ومحفزاً في بناء اقتصاد اجتماعي ومتضامن». ويمنع الدستور الجديد أيضاً إقامة قواعد عسكرية أجنبية على الأراضي الإكوادورية. وبالفعل، فقد بدأت فكفكة القاعدة الأميركية على الفور. ويحقق كذلك، تقدّماً ملحوظاً في عدد من الحقوق الجديدة البيئية والنسائية والهندية. وكان المشروع قد تعرّض لحملة معارضة قاسية من جانب الكنائس، وخصوصاً الكاثوليكية، التي رأت فيه مشروعاً «يهدد أسس العائلة التقليدية».
وتدخل الإكوادور مع الإنجاز الدستوري مرحلة انتقالية من المتوقّع أن تستمر نحو 6 أشهر حتى انتخاب الرئيس ومجلس النواب والبلديات، وخلالها تؤدّي لجنة مصغرة مختارة في صفوف «الجمعية التأسيسية» وهي واضعة الدستور، دور «المجلس المؤقت».
وشكلت النتائج انتصاراً كبيراً لكوريا، الذي بات قادراً على الاستمرار في السلطة نظرياً حتى عام 2017، والمرجَّح فوزه من الدورة الأولى في انتخابات شباط المقبل وحصوله على أكثرية نيابية مريحة.
ومن المرجح الآن، أن تشهد الإكوادور إعادة تشكل جذرية في مشهدها السياسي، بدءاً من الائتلاف الموالي، مروراً بتشكيل يساري معارض لكوريا المتهم بـ«الشخصنة وعدم تقبل الرأي الآخر»، وصولاً إلى يمين المشهد حيث لم ينجُ من الخراب إلا رئيس بلدية غواياكيل، خايمي نبوت، وهو ابن مهاجرين لبنانيين، وكان قد وعد باعتزال العمل السياسي إذا نجح الاستفتاء الدستوري في مدينته.
وقد شكّلت غواياكيل مكسر عصا الاستفتاء الأخير، وخصّص لها كوريا (وهو من مواليدها) الجزء الأكبر من نشاطه الانتخابي، لأنه يخشى أن تتحوّل إلى «بؤرة من اللااستقرار» على شاكلة ما يحدث في سانتا كروز في بوليفيا.