برلين ــ غسان أبو حمدأثار اتفاق بين طهران وبرلين لتحويل الغاز الطبيعي إلى غاز مسال، زوبعة إسرائيلية، بعدما وجّهت تل أبيب والجمعيات اليهودية في ألمانيا انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الألمانية، في وقت يُجري فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة محادثات لرسم استراتيجية تقضي بعزل إيران دولياً بسبب برنامجها النووي.
وكانت وزارة الاقتصاد الألمانية قد أوضحت في بيان، أن المكتب الاتحادي للاقتصاد والرقابة على الصادرات أقرّ خطط شركة «شتاينر» الألمانية لتصدير ثلاث محطات للغاز الطبيعي المسال إلى جنوب إيران في شباط الماضي، حيث سيلتزم مصنع «أس. بي. جي» الألماني هذا المشروع الذي تصل كلفته إلى 100 مليون يورو. وأشارت إلى أن المحطات لا تقع تحت فئة السلع المحظور تصديرها طبقاً للعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران بسبب أنشطتها النووية.
أما الحكومة الإسرائيلية، فقد أعربت في بيان، عن «دهشتها»، ووجّهت «انتقادات قاسية للحكومة الألمانية»، على اعتبار أن هذه الصفقة خرق للاستراتيجية الأوروبية التي أسهمت ألمانيا في صياغتها، والتي تقضي بعزل إيران، أوروبياً ودولياً، وفرض العقوبات عليها بسبب عدم انصياعها للقرارات الدولية التي تطالبها بوقف برنامجها النووي.
غير أن الغريب في الأمر، هو محاولة المستشارية الألمانية إنكار معرفتها بهذه الصفقة والادعاء أن المستشارة أنجيلا ميركل لا علم لها بهذا الاتفاق على الإطلاق، ومحاولة إلقاء «التهمة» على عضو البرلمان الاتحادي، هارتموت شاورت، بسبب ممارسته الضغوط على وزارة الاقتصاد الألمانية لمنح مصنع ألماني رخصة التعامل مع إيران في مشروع مساعدتها على بناء معمل لإنتاج الغاز الطبيعي المسال على أراضيها.
لكن النائب شاورت (الحزب المسيحي الديموقراطي) ردّ على هذه التهمة بالقول، لصحيفة «زيغنر تسايتونغ»: «لقد أصبحت مزعجاً لكوني أسهمت عبر هذه الصفقة مع إيران، بتقديم أرباح بمئات الملايين من الدولارات إلى ألمانيا».
وأعلن المتحدث الرسمي باسم المستشارية الألمانية، أولريش فيلهلم، أن «الصفقة المذكورة غريبة، ولم تفكّر بها المستشارة أنجيلا ميركل أو توقّع عليها، لكونها كانت في إجازة». وأضاف فيلهلم: «لا مصلحة سياسية للحكومة الألمانية بخرق استراتيجية دولية لمعاقبة إيران، أدت ألمانيا دوراً رئيسياً في رسمها، لقاء صفقة تجارية من هذا النوع».
واللافت في هذا المجال، أن دراسة أجراها اختصاصيون في وزارة الاقتصاد الألمانية خلصت إلى نتيجة «علمية» مفادها أن تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز سائل في إيران «ليس مخالفاً لاستراتيجية العقوبات الدولية المفروضة على طهران بسبب برنامجها النووي».
لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية ردّت على هذه الدراسة بالقول: «إن تحويل الغاز الطبيعي إلى غاز سائل يمسّ جوهر الاستراتيجية الدولية لمعاقبة طهران»، مشيرة إلى أن الخطير في موضوع الخرق الألماني لاستراتيجية العقوبات هو في موقع ألمانيا الرائد داخل الاتحاد الأوروبي، وبإمكان هذا الخرق الألماني أن يقلّل من فعالية استراتيجية معاقبة طهران.