باريس ــ بسّام الطيارةتشهد العلاقات بين نيامي وباريس توتراً، بسبب الصراع على مادة اليورانيوم التي تكتسب أهمية متزايدة مع نضوب الوقود الأحفوري، واقتراب هذه المادة الاستراتيجية من الدخول إلى الأسواق العالمية في إطار الوقود النووي البديل عن النفط.
توتر تجسّد في مجموعة من الحوادث: أولها، طرد الحكومة النيجيرية للمنظمة الإنسانية «أطباء بلا حدود» التي تتخذ من العاصمة الفرنسية مقرّاً لها، رغم تأكيدها «عدم ارتباطها بأي حكومة»، إضافة إلى مجموعة ثانية من الحوادث تمثلت في خطف مجموعة «طوارق» مسلّحة معارضة لنيامي، وأربعة موظفين لشركة «أريفا» للصناعات النووية الفرنسية منذ شهر، قبل أن تطلق سراحهم. وقبل سنة، اعتقلت الحكومة النيجيرية أحد مدراء الشركة الفرنسية بتهمة «التعاون مع منظمات إرهابية»، في إشارة إلى الطوارق. وبين الحادثتين احتجز النيجر مراسل «راديو فرنسا الدولي» أيضاً بحجة «التواصل مع خارجين عن القانون». ويرى مراقبون في هذه الحوادث ترابطاً يجمع بينها «اليورانيوم»، فالنيجر يمتلك خامس احتياط من هذه المادة الاستراتيجية، والعامل المفجر كان ارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية منذ عامين. ويسعى «ثوار الطوارق»، وخصوصاً «حركة العدل النيجيرية»، إلى الاستفادة من «هذه النافذة»؛ فقبل إطلاق سراح العمال الفرنسيين، أعلنت الحركة أنّها «لا تطلب فدية بل تريد إيصال رسالة إلى «أريفا» كي تضغط على الحكومة».
ويقول أحد مستشاري شركات الاستثمار في أفريقيا، لـ«الأخبار»، إنّ الحركة المسلحة تطالب بحصة من هذه السلعة الاستراتيجية. وتتهم المعارضة النيجيرية الحكومة بـ«نهب ثروات مناطق الطوارق» الواقعة في شمال البلاد، وإهمالها.
بدورها، تتهم الحكومة النيجيرية «أريفا» بدعم مطالب هذه الجماعات، متبعة أسلوب «فرّق تسد». وقد استعملت حكومة نيامي هذه الحجة لإعادة المفاوضة بشأن حصتها من أرباح استخراج اليوانيوم، إضافة إلى حجة التلويح بالانفتاح على العملاق الصيني. ويقول مستشار الرئيس النيجيري، إبراهيم لوتو، إن «سعر كيلو اليورانيوم الخام كان حتى عام ٢٠٠٧ نحو ٣٠ يورو قبل أن يقفز إلى ١٥0». ويضيف أن «الاتفاق الجديد مع «أريفا» يرفع حصة الدولة إلى نحو ٥٥ يورو». وأكّد أنّ «الصين جاءت تبحث عن مواد أولية في أفريقيا، وهذا سهل التفاوض مع (رئيسة أريفا) آن لوفيرجون».
ولا يتوانى لوتو عن اتهام الغرب بـ«تأجيج النزاعات في أماكن المواد الأولية الاستراتيجية». ويتفق أكثر من مراقب على أن «الصراع على اليورانيوم هو صراع الغد»، وأن الطاقة النووية هي «طاقة الغد». ومن الصعب على باريس، التي تؤمن عبر «أريفا» ٣٠ في المئة من احتياجات مفاعلاتها النووية، التخلّي عن مناطق نفوذها.