شغب معارضي إيفو موراليس تحضيراً لاستفتاء بقاء الرئيس أو رحيله لا يبشّر بالخير. قتل وإقفال طرق ورفض للتفاوض. بوليفيا على كفّ عفريت، واستفتاء الغد مصيريّ
بول الأشقر
يتوجه البوليفيون غداً إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء الذي سيثبّت أو ينهي ولاية رئيس الجمهورية إيفو موراليس ونائبه ألفارو غارسيا لينيرا، وحكام ثمانٍ من أصل تسع ولايات يتألف منها البلد إدارياً. غداً، ستأتي من بوليفيا صورة جديدة عمّا حصل خلال 31 شهراً من حكم موراليس. فكرة الاستفتاء طرحها في الأساس معارضوه متحدّين إياه بـ«قياس ما بقي له من شعبية». وقد قرّر أول رئيس هندي يحكم البلاد منذ 183 عاماً رفع التحدي، بعدما احتكرت المعارضة «المناطقية» المشهد السياسي من خلال الإصرار على تنظيم استفتاءات متتالية في الولايات الشرقية الجنوبية خلال شهري أيار وحزيران الماضيين، فازت بها جميعها فكرة الحكم الذاتي.
فكرة وجدتها الحكومة المركزية «مشاريع انفصالية غير شرعية» لا يخوّل الدستور الحالي القيام بها. الهدف من استفتاء الغد بالنسبة إلى موراليس، استعادة المبادرة السياسية من خلال إعادة تظهير موقع الأكثرية الشعبية الداعمة له.
وكان قانون الاستفتاء قد مرَّ كما كان متوقعاً في مجلس النواب حيث للموالاة أكثرية مريحة. ولكن المفاجأة أتت من مجلس الشيوخ حيث الأكثرية هي «للمعارضة السياسية» التي أقرّته من دون أي تعديل، وذلك لإحراج كل من الرئيس و«المعارضة المناطقية» التي أخذت تدريجاً تنال تأييد المواطنين المناوئين لموراليس.
وتدلّ استطلاعات الرأي الأخيرة على أنّ الرئيس اليساري سينجح في المحافظة على منصبه وكذلك ثلاثة من حكام المناطق الشرقية المعارضة، وأنّ النتائج لا تزال غير محسومة بالنسبة إلى حكام الولايات الباقية.
بقاء موراليس في السلطة يبدو مرجَّحاً، إذ يحتاج معارضوه إلى 53.5 في المئة من الأصوات لإزاحته. غير أنّه سيكون للاستفتاء دلالات مهمة: فإذا تراجعت نسبة تأييده عن نسبة 53.5 (نالها في انتخابات عام 2005)، سيكون الرئيس مهزوماً عملياً. أما إذا زادت نسبة تأييده عن تلك التي أوصلته إلى الرئاسة، فسيتحول الاستفتاء إلى نصر سياسي كبير.
التفحّص بنتائج الاستفتاء الشعبي قد يدلّ على تغيير في تركيبة الأكثرية التي أوصلته إلى الرئاسة؛ فاستطلاعات الرأي ترجح أن يفوز بـ 77 في المئة من أصوات ولاية العاصمة لاباز، وأن يخسر بنسبة 70 في المئة في ولاية سانتا كروز، «عاصمة معارضيه»، ما قد يوحي بأنه عوّض عن تدنّي شعبيته بين الطبقات الوسطى البيضاء، باستمالة تأييد الفقراء الهنود.
أبعد من نتائج الاستفتاءات ومن دلالتها على تركيبة شعبية موراليس، سيُظهر الاستحقاق مدى الانقسام الذي يضرب المجتمع البوليفي. انقسام تبدأ عناوينه في السياسة، بين موراليس و«الحكام الانفصاليين»، ثمّ ينتقل إلى خطوط التماس المناطقية، بين غرب البلاد وشرقها، وبين المدن والأرياف، قبل أن يصل إلى الفوارق العرقية أو الإثنية.
تواجه بوليفيا مشروعين سياسيين تقلّصت بينهما الفسحة المشتركة. لذلك، ما سينتج من استفتاء الغد، لن يكون نهاية المطاف، بل محطة كبيرة في الأزمة الوطنية التي تقسّم بوليفيا في العمق وتهدد باستمرارها كدولة.
المتفائلون يقولون إنّ المفاوضات الحقيقية ستبدأ بعد الاستفتاء مباشرةً، لأنّ كل طرف يكون قد أعاد تثبيت قدرته التمثيلية، ولأنّ بوليفيا معتادة «الرقص على حافة الهاوية». كذلك يشيرون إلى أنّ المطلوب في الفترة المقبلة هو التوفيق بين نصوص الدستور الجديد الذي أقرته الجمعية التأسيسية (التي ترى فيه المعارضة مشروعاً يكرس الهيمنة الهندية على البلد») وبين «دساتير» الحكم الذاتي التي أُقرت في الولايات، بإشراف وسيط إقليمي أو محلي قادر على إجبار الأطراف على الاعتراف المتبادل. وسيط قد يكون منظمة الدول الأميركية.
في المقابل، يرى المتشائمون أن تفتت المؤسسات وصل إلى مرحلة متقدمة قد يكشف الاستفتاء مدى فداحتها.