أوروبا والولايات المتحدة مهدّدتان نفطياً من جرّاء الحرب في جورجيا. صحيح أنّ جورجيا لا تحمل قيمة بذاتها في مخزونها النفطيّ، إلا أنّها دولة تُعَدّ من بين الأهم في العالم من ناحية كونها من أهم الطرق النفطية التي تغذّي القارتين القديمة والجديدة بالنفط الآسيوي.موسكو مدركة تماماً مدى أهمية «الرهينة» التي تحتجزها وتهدّدها على الأراضي الجورجية.فقد أغارت مقاتلاتها، أول من أمس، بالقرب من أهم خطّ نفطي ينقل «الذهب الأسود» من القوقاز عبر جورجيا إلى تركيا والسوق الأوروبية والأميركية في ما بعد، من دون أن تدمّره، حسبما كشف عنه وزير التنمية الاقتصادية الجورجي، اكاتيرينا شاراشيدزي، «وهو ما يشير إلى أن روسيا تهدد الاقتصاد العالمي» على حدّ تعبيره.
هناك خطّان نفطيّان يمرّان بجورجيا، يُعَدّان من أهم مصادر أوروبا وأميركا في توفير حاجاتهما من النفط والغاز من البحر الأسود ووسط آسيا؛ الأوّل هو خطّ باكو (آذربيجان) ــــ تبيليسي ــــ جيهان (تركيا) ذو الأهمية البالغة بالنسبة إلى الغرب. افتُتح العمل به في العام الماضي، وكلّف 3 مليارات دولار. كلفة مستحقّة لأنه يعفي أوروبا وأميركا من الاتكال على مرور نفطهما في إيران وروسيا من خلال خطّي أنابيب نفط، «ساوث ستريم» الآتي من حقول كازاخستان ليصبّ في مرفأ نوفوروسيسيك الروسي، وخط أنابيب غاز سيبيريا المعروف باسم «بلو ستريم» الذي يصل إلى شواطئ تركيا في مرفأ سامسون.
حتّى إنّ خطّ أنابيب باكو ــــ تبيليسي ــــ جيهان عُدّ حتى إنجازه في 2007 نجاحاً كبيراً للسياسة الأميركية الخارجيّة للتخلّص من التبعية النفطية إزاء روسيا خصوصاً. خطّ طوله 1770 كيلومتراً يضخّ إلى الغرب مليون برميل نفط يومياً، ويمرّ في الأراضي الجورجية 249 كيلومتراً من مجمل طوله، 55 كيلومتراً منها تجتاز أوسيتيا الجنوبيّة.
وخطّ الأنابيب الثاني الذي يؤمّن «استقلاليّة» للغرب في استهلاك الغاز الطبيعي، والمعرَّض جدياً للخطر بفعل الحرب، هو خطّ باكو ــــ تبيليسي ــــ إرزوروم (تركيا)، المعروف بخطّ شاخ ــــ دنيز، وهو ينقل الغاز من وسط آسيا أيضاً، إلى تركيا والغرب مروراً بجورجيا. ويستطيع هذا الخطّ من الأنابيب أيضاً أن ينقل 20 مليون متر مكعّب من الغاز الطبيعي، وهو مكشوف أمام الغارات الروسيّة ومهدّد بالقصف.
(الأخبار)