ساركوزي إلى موسكو وأبخازيا تدخل المعركة وأوكرانيا تتوعّد الأسطول الروسيحرب أوسيتيا مستمرة إلى الآن. ملامح النهاية غير مكتملة، رغم بوادر دبلوماسية وعسكرية توحي بأن روسيا أوصلت رسالتها، بعدما نجحت في طرد الكرة الجورجية من ملعبها التاريخي، وسيطرت على أوسيتيا الجنوبية كاملة، مجبرةً تبليسي على استجداء الولايات المتحدة و«الأطلسي»
قلبت روسيا موازين القوى في حربها ضدّ جورجيا عبر أوسيتيا الجنوبية، لمصلحتها. أفشلت الخطة المعدّة بين تبليسي والولايات المتحدة، التي رُسمت خلال لقاء سري أخيراً بين الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في واشنطن، للسيطرة على كامل أوسيتيا الجنوبية في غضون 24 ساعة، أثناء انشغال العالم بافتتاح الألعاب الأولمبية في بكين، بحسب مصدر لـ«الأخبار».
فبعدما كان الحشد العسكري الجورجي الأكثر قوة في اليوم الأول للحرب، أرسلت روسيا كتائب ووحدات جديدة من المغاوير والوحدات الروسية الخاصة، ففرضت حصاراً بحرياً على جورجيا وسيطرت على تسخينفالي، عاصمة أوسيتيا الجنوبية، بُعيد إعلان تبليسي انسحاب قواتها من كامل هذه المنطقة الانفصالية.
لم تكتفِ جورجيا بالانسحاب، بل دعت روسيا إلى مفاوضات لوقف القتال، وسط تضارب في المواقف الروسية بشأن حصول هذه الدعوة. إلاّ أن موسكو على أي حال، قالت إن جورجيا تواصل القتال في أوسيتيا. حدث تزامن مع إعلان وزارة الخارجية الألمانية نجاح وزيرها فرانك فالتر شتاينماير في إقامة اتصال مباشر بين نظيريه الروسي سيرغي لافروف والجورجي ايكا تكيشلاشفيلي، فيما أعلنت موسكو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي سيزورها مطلع الأسبوع الجاري.
وأعلن القائم بالأعمال الروسي في الولايات المتحدة، ألكسندر دارشييف، لشبكة «سي أن أن» الأميركية، أن «لا نية لدى روسيا باجتياح جورجيا». إلا أن رئيس البرلمان الجورجي دافيد بكرادزه أعلن أن روسيا تستعد لشن هجوم على غرب جورجيا في المنطقة القريبة من أبخازيا. وقالت الداخلية الجورجية إن روسيا طلبت من الأمم المتحدة سحب مراقبيها من المنطقة الواقعة بين أبخازيا ومدينة زوغديد. وبعد قليل، كان وزير الاندماج الجورجي تيمور ياكوباشفيلي، يعلن أن زوغديد تتعرض للقصف.
أما الأمين العام لمجلس الأمن الجورجي، ألكسندر لومايا، فقال إن بلاده طلبت من رايس «أداء دور وساطة مع الروس». وأوضح «لقد انسحبنا من كامل أوسيتيا الجنوبية تقريباً تعبيراً عن إرادتنا الطيبة لوقف المواجهة العسكريةوأعلن مسؤول روسي أن ألفي شخص، «غالبيتهم الساحقة من المواطنين الروس»، قتلوا في أوسيتيا الجنوبية منذ بدء الهجوم الجورجي عليها. أما وزير الصحة الجورجي، ألكسندر كفيتاشفيلي، فأعلن أن 92 جورجياً قتلوا بينهم 40 مدنياً، منذ بدء النزاع.
وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد قال أثناء اجتماع في مدينة بلاد القوقاز الروسية إن «طموح جورجيا للانضمام إلى حلف الأطلسي، محكوم بسعيها لتوريط دول وشعوب أخرى في مغامراتها الدموية». ودافع عن توغل روسيا في أوسيتيا الجنوبية، قائلاً «من وجهة نظر قانونية، فإن تحركات روسيا في أوسيتيا الجنوبية مشروعة تماماً».
وفي سياق ردود الفعل، عمدت الولايات المتحدة إلى تصعيد لهجتها ضدّ روسيا. ففي وقت رأى فيه مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، طلب عدم كشف اسمه، أن «جورجيا تتحمل جزءاً من المسؤولية عن النزاع»، حذّر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جيمس جيفري روسيا من أن «تصعيدها غير المتكافئ للنزاع في أوسيتيا الجنوبية، سيترك انعكاساً كبيراً على علاقاتها مع واشنطن».
وفي سؤال عن احتمال تقديم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية إلى حليفتها جورجيا، قال جيفري إن «الإدارة الأميركية تشدد مع شركائها على تسوية دبلوماسية للأزمة». ورأى أن «الرد الروسي على انسحاب جورجيا سيكون اختباراً».
وبعد سجال حاد في مجلس الأمن الدولي، سأل المندوب الأميركي، زلماي خليل زاد، نظيره الروسي عن نيّات بلاده في جورجيا. وحذر من أن علاقات الولايات المتحدة وروسيا ستتأثر بالأزمة.
وعاد زاد وتحدث عن مكالمة هاتفية جرت بين لافروف ورايس، التي أوضح أن لافروف قال لها، «يجب أن يرحل ساكاشفيلي». وكرر زاد سؤاله «هل تغيير النظام غاية روسيا؟».
إلا ان لافروف نفى في وقت لاحق رحيل ساكاشفيلي، مشيراً إلى أن رايس أساءت تفسير كلامه.
بدوره توجه ساكاشفيلي إلى الجورجيين، في خطاب متلفز، ليعلن «أن وجود جورجيا بات مهدّداً»، فيما أعلن الرئيس الأبخازي سيرغي باغابش عن أن أبخازيا في «حالة حرب» على جزء من أراضيها لمدة عشرة أيام. كما دخلت أوكرانيا على خط النزاع مهددة بمنع سفن أسطول البحر الأسود الروسي من العودة إلى مرفئها في سيباستوبول جنوب القرم.