بول الأشقرنجح الرئيس البوليفي إيفو موراليس في رهانه، ونال هو ونائبه غارسيا لينيرا، بحسب نتائج العدّ السريع التي لا تعدّ إعلاناً رسمياً، نحو 63 في المئة من أصوات الناخبين في الاستفتاء الذي جرى أول من أمس، لتثبيت ولايته أو إنهائها.
وتعدّ النتيجة انتصاراً كبيراً للرئيس اليساري، لأنّ نسبة التأييد التي حصل عليها تفوق ما ناله عام 2005 لدى وصوله إلى السلطة بأكثر من 9 نقاط مئوية. وفشل ثلاثة حكام فقط، من أصل ثمانية شملهم الاستفتاء، في الحفاظ على مراكزهم: معارضان من العاصمة لاباز وكوشابامبا، وموالٍ واحد من أورورو. وستنظَّم قريباً انتخابات جديدة في هذه الولايات لملء المراكز الشاغرة.
ونال موراليس الأكثرية في أربع ولايات، حاصداً نحو 81 في المئة من أصوات الناخبين في كل من لاباز وأورورو وبوتوزي، و69 في المئة في كوشابامبا. وخسر الاستفتاء في خمس ولايات، من بينها شوكيساكا حيث العاصمة الإدارية سوكر بـ42 في المئة من الأصوات، إضافة إلى الولايات الشرقية الأربع حيث لم ينل في سانتا كروز إلا 36 في المئة من الأصوات، و39 في المئة في بيني، و45 في المئة في تاريخا، و48 في المئة في باندو.
وفي استفتاءات حكام الولايات، كرّست النتائج زعامة حاكم ولاية سانتا كروز وزعيم المعارضة المناطقية، روبين كوستاس، بـ71 في المئة من أصوات الناخبين، فيما نال الحكام الباقون تباعاً في بوتوزي 75 في المئة من الأصوات، وفي بيني 67 في المئة، وفي تاريخا 60 في المئة، وفي باندو 58 في المئة.
أما الراسبون فكانوا حكام أورورو بـ 48 في المئة، ولاباز بـ40 في المئة، وكوشابامبا بـ 38 في المئة. ولم يجرِ استفتاء في ولاية واحدة هي شوكيساكا، لأنها شهدت انتخاباتها المحلية قبل أقل من شهرين.
وجرت عمليات الاقتراع في أجواء هادئة نسبيّاً، أثنى عليها المراقبون الدوليون، وهي تختلف عن الأجواء العنفيّة التي سادت مناطق عديدة في الأيام الأخيرة التي سبقت الاستفتاء.
وفي تقويم أوّلي للنتائج، يمكن القول إن موراليس عمّق الانتصار الذي حققه عام 2005، فيما كرّس الاستفتاء الشرعية الشعبية لحكام المناطق الشرقية الغنية. كما أكّدت النتائج أنه ليس هناك حلّ للأزمة الوطنية الكبرى التي تمزق بوليفيا إلا بالحوار المباشر بين الرئاسة والحكام، وخصوصاً أن هؤلاء نقلوا الخلاف التقليدي على الأحجام داخل السلطة إلى نزاع على ركائز الدولة. والطرفان أثبتا شعبيتهما وعدم قدرة الطرف الآخر على شطب منافسه من المعادلة.
واليوم، بات لكلّ من المشروعين السياسيين اللذين ضيّقا الفسحة المشتركة بينهما نصوصه المرجعية: مشروع الدستور الجديد الذي يجب أن يخضع لاستفتاء شعبي، ونصوص الحكم الذاتي التي سبق أن أقرَّت باستفتاءات في الولايات الشرقية في الأشهر الأخيرة.
والطرفان مجبران على تقديم تنازلات قبل أن ينقلهم المتطرفون في كل معسكر إلى حيث لن يعود ممكناً تحاشي المجابهة. ويدرك المتعقّلون من بين أنصار الحكم الذاتي أن مشروعهم غير قابل للتطبيق في شكله الحالي. وهم يعلمون أن الانفصال ممنوع داخلياً وإقليمياً. أمّا المعتدلون في المعسكر الموالي، فيعلمون بدورهم أن الوضع الاقتصادي لن يصمد طويلاً في ظلّ هذا المستوى من المواجهة.
وفي أول مداخلة له بعد صدور النتائج، رأى حاكم سانتا كروز، روبين كوستاس، أن «المركزية هُزمت اليوم نهائياً في بوليفيا»، وأعاد تأكيد تمسّكه بخيار الحكم الذاتي، فيما كان يهتف بعض أنصاره بأن «الاستفتاء دفن إيفو».
في المقابل، لجأ الرئيس إلى أسلوب مختلف أمام مئات الآلاف من أنصاره الذين تجمّعوا أمام القصر الجمهوري، وعبّر عن «احترامه» للحكام الذين ثُبّتوا، ودعاهم إلى العمل معاً بشكل مشترك «لمصلحة وحدة بوليفيا من خلال التوفيق بين الدستور الجديد وشرع الولايات على قاعدة احترام الشرعية»، بينما كان الكثير من أنصاره في الشوارع يطالبونه باستخدام القوة بحقّ «الانفصاليين».