Strong>القادة الجدد يباشرون إجراءات عزل مشرّف... ورهانهم على الشارعأطلق الائتلاف الباكستاني الحاكم إجراءات عزل برويز مشرّف في معركة لن تكون سهلة، لا دستورياً ولا سياسياً، معوِّلاً ـــــ على ما يبدو ـــــ على الشارع للضغط على الجنرال السابق، علّه ينحني ويستقيل. لكنّ الأخير اعتاد الردّ تارة بعزل القضاة، وطوراً بفرض الطوارئ، فكيف سيكون ردّه هذه المرّة؟

شهيرة سلّوم
بدأت حكاية عزل الرئيس الباكستاني برويز مشرف قبل إعادة تأليف السلطة في انتخابات شباط الماضي، مع رئيس المحكمة العليا افتكار تشودري الذي شكك في الوضع الدستوري للرئيس العتيد، فكان مصيره الإقالة ثم الاعتقال، وتابعها بقوّة رئيس الحكومة السابق نواز شريف مدفوعاً بغريزة الانتقام ممن نفّذ انقلاباً عليه وسجنه ونفاه.
أمنية شريف اصطدمت بقلّة اندفاع من شريكه الأساسي في الحكم، حزب «الشعب» بزعامة آصف زرداري، الذي أراد أن يعقد نوعاً من صفقة تقاسم السلطة برعاية واشنطن، كانت قد بدأتها الراحلة بنازير بوتو. استمر الوضع على هذه الحال من الشد والجذب لأسابيع، إلى أن توافقا الأسبوع الماضي على بدء إجراءات عزل مشرف، على قاعدة أن شريف «يستطيع أن يوفر دعم أعضاء سابقين في حزب الرابطة الإسلامية» الموالي لمشرّف، فيما يوفر زرداري دعم «نحو 90 في المئة من النواب»، في إشارة، على ما يبدو، إلى نوّاب الجمعية الوطنية، لا أعضاء مجلس الشيوخ، الذي لا يزال في قبضة حزب الجنرال السابق (38 من أصل 100 عضو). أكثر من مئة صفحة كوّنت لائحة الاتهام لمشرف، بدأ مجلس الشورى بمجلسيه بمناقشتها الاثنين الماضي، على أن يتقدّم الرئيس للدفاع عن نفسه في غضون 15 يوماً.
دستورياً، يمكن إقالة الرئيس بموجب المادة الـ47 من الدستور، التي تنصّ على إمكان العزل في الحالات التالية: فقدان القدرة الجسدية أو العقلية على الحكم، أو اتهامات خرق الدستور وإساءة التصرّف، على أن يتقدّم بطلب الإقالة أو الخلع أكثر من نصف أعضاء أحد مجلسي البرلمان، مرفقاً بالأسباب الموجبة. وبعدها يجتمع البرلمان بمجلسَيه للتحقيق. وإن وُجد الرئيس مذنباً، يُطرح قرار الإقالة على البرلمان الذي يصوّت على القرار بغالبية الثلثين من أعضاء المجلسين مجتمعين.
وبحسب زرداري، تشمل لائحة الاتهام عدم توجه مشرف إلى البرلمان الجديد للحصول على تصويت ثقة بعد نهاية ولايته السابقة، وإضراره بعملية الانتقال إلى الديموقراطية. لكن يبقى على الائتلاف الحاكم أن يحشد غالبية الثلثين في البرلمان بمجلسَيه كي يستطيع إقالة الرئيس بموجب المادة الـ 47. إلّا أنّه لا يملك هذه النسبة، ما يحتم عليه الحصول على دعم الأحزاب الصغيرة والمستقلين في الجمعية الوطنية، وأن يتجاوز مجلس الشيوخ حيث يملك مشرّف الأكثرية.
انطلقت إجراءات الإقالة من المجالس المحلية، حيث صوّت 321 نائباً في مجلس البنجاب لمصلحة الإقالة في مقابل 25 ضدها، على أن تلحق به مجالس المقاطعات الثلاث الأخرى (بالوشستان والسند والمقاطعة الشمالية الغربية القبلية). فما هي الإجراءات الردعيّة التي يمكن الجنرال السابق أن يتخذها؟ يمكن أن يلجأ إلى المادة الـ 58 من الدستور التي تخوّله حلّ الجمعية الوطنية وإقالة الحكومة. حينها سيواجه الوعيد المبطن لزرداري حين حذّر من أن «الديموقراطية لم تعد ضعيفة الآن، بحيث يمكن استعمال هذا التهديد»، ما يعني اللجوء إلى الشارع للضغط عليه من أجل الاستقالة.
أو قد يلجأ الجنرال السابق إلى فرض حال الطوارئ، والأحكام العرفية، وبالتالي تعليق عمل الحكومة إلى ما لا نهاية. خطوة كهذه ستكون نوعاً من الانقلاب الممدّد حتى يفرض تقاطع المصالح الداخلية والخارجية نوعاً من المصالحة الوطنية ستكون هشة على الأرجح استناداً إلى التجارب السابقة لتدخل القوى الكبرى في الدول الممزقة.
كل ذلك يبدو شديد الارتباط بمدى النفوذ الذي لا يزال يتمتع به الجنرال داخل المؤسسة العسكرية والحلف الأميركي. خيارات متعدّدة أمامه تنطوي على المجازفة والاتكال على «الغير»، لكن من المؤكّد أنّ باكستان على موعد مع التغيير في الشهور المقبلة.

أرقام تشير إلى أنّ أحزاب الائتلاف لا تملك غالبية الثلثين (164 مقعداً من أصل 272) في الجمعية الوطنية كي تخلع مشرّف.