فيما تُواصل الصين حصد ميداليات ذهبية لتنافس الولايات المتحدة على «زعامة رياضية»، لا يزال الحديث عن التيبت موضوع رقابة واختفت أخبار مفاوضات بكين مع ممثلي الدلاي لاما
باريس ــ بسّام الطيارة
بدأ «الرئيس الكنسي والسياسي» للتيبت، الدلاي لاما، أمس، زيارة إلى باريس، تشدد كل المراجع الرسمية على أنها «خاصة وذات أهداف دينية» تتعلق ببوذيّي فرنسا. ويبدو أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي حاول مطلع الشهر «تعويض الرأي العام» مشاركته في حفل افتتاح الألعاب بإعلان استقبال الدلاي لاما في الإليزيه، تراجع بعد ردة الفعل العنيفة من السلطات الصينية. ويؤكد عدد من المصادر أن «الدلاي لاما هو من كان وراء سحب الدعوة»، ما فتح الباب أمام تراجع سيد الإليزيه. وتبرر الأوساط البوذية الفرنسية بأن «رغبة عدم استفزاز التنين الصيني» تقف وراء تطلع الدلاي لاما لزيارة بعيدة عن التشنج. وتقول «إن قداسته يعرف مقدار ما قدمته فرنسا للتيبت» من دعم معنوي.
ومن هنا، فإن الاستقبال الرسمي الوحيد للدلاي لاما سيكون اليوم في مجلس الشيوخ الفرنسي في «جلسة مقفلة» مع مجموعة النواب المهتمين بالتيبت، في مكتب خاص لأحد النواب الشيوخ، وهو ما أثار حفيظة بعض النواب من الأكثرية والمعارضة على حد السواء، مذكرين بأن الدلاي لاما «حائز جائزة نوبل»، وأن على فرنسا أن تكون «حرة في استقبال من تشاء».
وتدوم زيارة الدلاي لاما ١٢ يوماً يخصصها للاهتمام بالجالية البوذية الفرنسية، التي يبلغ عددها ٧٧٠ ألفاً، أقل من نصفهم من أصول فرنسية والباقون من جذور آسيوية. وكان قد «بارك» معبداً جديداً في «فينو لي سابلون» في ضاحية باريس الشرقية بحضور ٦٠٠ شخص استمعوا إلى صلاة من أجل السلام قبل أن يلقي محاضرة بعنوان «المبادئ الثلاثة للسلوك». وزار بعد ذلك «باغود» (معبد صيني متعدد الطوابق) في مدينة إيفري، حيث رُفع تمثال لبوذا يبلغ أربعة أمتار، وهو الأكبر في أوروبا.
ومن المتوقع أن يفتتح الدلاي لاما في ٢٢ الشهر معبد «ليراب لينغ» في جنوب فرنسا. وكان الإليزيه قد أعلن أن «كارلا بروني ساركوزي سوف تحضر حفل الافتتاح»، أي من الطبيعي أن تلتقي بالضيف، ما أثار انتقادات المعارضة التي رأت أن «ساركوزي يكلف زوجته مهمة دبلوماسية ـــــ اجتماعية»، حسبما صرح الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي، فوزي لمداوي، مؤكداً أن ساركوزي لا يزال «يخلط بين الخاص والعام». ورغم أن الأكثرية لا ترى أي ضير من لقاء السيدة الفرنسية الأولى بالدلاي لاما، إلا أن بعض النواب يعترفون بأن «الخوف من الصين دفع الطرفين لإيجاد حل».
وأسرّ أحد المقربين من قصر الإليزيه، لـ«الأخبار»، بأنه كان يمكنه أن يؤكد أن الرئيس الفرنسي «قد يقوم بتحرك ليثبت أنه لا ينصاع لإرادة الصين» لولا انفجار الوضع في القوقاز بين روسيا وجورجيا، من دون أن يستبعد مفاجأة في آخر لحظة إذا عاد ساركوزي إلى جنوب فرنسا لإكمال إجازته.