خلافات عربيّة تعرقل اتخاذ موقف موحّد من الاتجاه الأممي الجديدنيويورك ــ نزار عبّود
وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، دعوة إلى الدول الأعضاء الـ 196 فيها من أجل المشاركة في ندوة «دعم ضحايا الإرهاب»، التي ستعقد في مقرّ المنظمة في نيويورك في 9 أيلول المقبل، أي إبان عقد الجمعية العامة التي سيحضرها زعماء العالم.
وستعالج الندوة «التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدّية إلى انتشار الإرهاب»، ومن بينها «تجريد ضحايا الإرهاب، بجميع أشكاله ومظاهره، من إنسانيتهم». ويبدو أنّ العرب لا يولون هذه المسألة ما تستحق من اهتمام.
وأغفلت الأمانة العامة العديد مما ذُكر في «استراتيجية مكافحة الإرهاب» التي تبنتها الجمعية العامة عام 2006 حول الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب مثل الصراعات طويلة الأمد التي لم تُحل بعد.
أما بالنسبة إلى تمويل الندوة، فقد علمت «الأخبار»، أنّها ستمول من إسبانيا وبريطانيا، لا من ميزانية الأمم المتحدة. وهما دولتان تعرّضتا لهجمات إرهابية، وأقرتا قوانين مجحفة بحق المهاجرين المسلمين وخولتا الشرطة لديها اتخاذ إجراءات تعسفية. واستهجنت العديد من الوفود مصدر التمويل، حيث درجت العادة على أن يكون تمويل مثل هذه الأحداث من ميزانية الأمم المتحدة.
وسيُجلَب «ضحايا الإرهاب»، الذين سيقتصرون على 20 ضحية فقط، للمثول أمام الندوة. وروّجت الأمانة العامة بأنهم «سيمثلون جميع الثقافات والأديان والأجناس»، وأنهم ضحايا لأعمال إرهابية تغطي الاتفاقات والبروتوكولات الستة عشر لمكافحة الإرهاب المعتمدة من المنظمة. ووضعت شروطاً لاستقبال الضحايا منها: معرفة لغة من اللغات الرسمية للأمم المتحدة، وتوافر «خبرة للمدعوين من الضحايا على المستوى الدولي»، و«موافقة الدول التي ينتمون إليها».
واستغربت دول عديدة كيفية توصل الأمانة العامة لهذه الصيغة، إذ إنّه كيف يمكنها أن تعرّف شخصاً ما «ضحية للإرهاب» في ظل غياب تعريف مجمع عليه للإرهاب؟ وأبدت وفود خشيتها من أن يفتح الحدث المجال أمام العديد من الدول لإمرار رسائل سياسية وقانونية خارج المفاهيم الجماعية، إضافة إلى وجود شكوك لدى العديد في دور إسرائيل في هذا الحدث.
وما يعزّز هذه الشكوك، أنه لم تُوجّه إلى الآن الدعوة رسمياً لأي دولة لتقديم قائمة بضحايا الإرهاب لديها. وفي ظل التناحر السياسي في الدول التي تحتضن ضحايا للإرهاب، ولا سيما الإسرائيلي، تصبح مسألة إرسال ضحية «نموذجية» أمراً مستعصياً، ولا سيما مع تطبيق شرط «موافقة الدولة التي تنتمي إليها الضحية».
واللافت في هذه الندوة أن العرب والمسلمين سيجلسون مستمعين فقط، رغم أنه اتُّصِل أخيراً بالوفود العربية لاستشفاف الرأي بشأن منهجية «وحدة العمل» المسيّرة للندوة.
وقد حذّرت المجموعة العربية في المنظمة من خطر تسييس الندوة بشكل معاد للعرب والإسلام خصوصاً، ولا سيما أن الخطاب الإسرائيلي يفيد بأنّ «الإسلام هو مصدر الإرهاب».
لهذا قرّرت المجموعة العربية إعداد موقف تجاه موضوع مراجعة «استراتيجية مكافحة الإرهاب». وعلمت «الأخبار» من مصادر موثوقة على صلة بالمشاورات أن الموقف العربي الموحّد تعثر بسبب «أنانية بعض الوفود العربية المعتدلة وتركيزها على القشور». وتصرّ السعودية على إدراج إشارة إلى مبادرتها الأخيرة حول حوار الأديان. كذلك هي ترفض الخروج عن مشروعها الفكري لإنشاء «مركز دولي لمكافحة الإرهاب».
وأمام غياب الموقف العربي الموحّد، تكمن الخطورة في أن تصبح الندوة مرجعية معيارية في أي نقاش مقبل حول الإرهاب.

وقد قامت وحدة العمل أو «تاسك فورس»، برئاسة وكيل الأمين العام للمنظمة لتنفيذ السياسات روبرت أور، لهذه الغاية بإنشاء تسعة فرق عمل من دون العودة إلى الجمعية العامة. ومن ضمنها الفريق المعني بدعم ضحايا الإرهاب.
وسيعقد في 4 أيلول المقبل اجتماع للجمعية العامة لمراجعة تنفيذ استراتيجية مكافحة الإرهاب، من دون تحديد تعريف علمي للمفهوم.