الانسحاب الروسي يبدأ اليوم... ورايس تلوّح بإجراءات عقابيّةلم تكد تلوح بوادر انفراج في أفق الحرب الجورجيّة ــ الروسية، مع إعلان موسكو نيتها الانسحاب من أراضي جورجيا، حتى عاد الاستفزاز الغربي لموسكو، هذه المرة على لسان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي قالت إن تبيليسي ستصبح عضواً في الحلف الأطلسيبعد توقيع الرئيس الروسي، ديمتري مدفيديف، اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وجورجيا أوّل من أمس، تكثّفت المواقف الدولية، وخصوصاً الأميركية، على لسان الرئيس جورج بوش ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، القائلة بضرورة الانسحاب الفوري للقوات الروسية من جورجيا. ومع تباين المواقف من صدقية الانسحاب الروسي من هذا البلد، أنهت موسكو هذا السجال محددة اليوم، تاريخاً للانسحابومع تواصل التصعيد الأميركي نحو روسيا، كان الحدث الأبرز إعلان أنجيلا ميركل، خلال زيارتها إلى تبيليسي أمس، أن «جورجيا ستصبح عضواً في الحلف الأطلسي»، في رسالة تحدٍّ إلى روسيا. فيما لم يتطرّق الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي إلى هذا الأمر، مكتفياً بالقول إن بلاده «لا تعترف بأي قوة سلام روسية».
موقف ساكاشفيلي جاء بشكل رد غير مباشر على رسالة الإيضاحات، التي تلقاها من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والتي تشير إلى أن «القوات الروسية لحفظ السلام مخولة تسيير دوريات على بعد كيلومترات من أوسيتيا الجنوبية، داخل الأراضي الجورجية. لكن عليها ألا تدخل مراكز سكنية كبيرة، أو تعرقل حرية التنقل».
وبالتوازي مع رسالة ساركوزي، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي حذر نظيره الروسي في اتصال هاتفي من «التداعيات الخطيرة لعدم تطبيق اتفاق السلام سريعاً، على علاقات روسيا بالاتحاد الأوروبي». إلاّ أن الرد لم يتأخر مع إعلان مدفيديف أن «انسحاب القوات الروسية سيبدأ اليوم، في الثامن عشر من آب الجاري عند الظهر». كما اتفق الرئيسان خلال الاتصال على «نشر مراقبين دوليين تابعين لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في أقرب وقت».
ومن المقرر أن تجتمع منظمة الأمن والتعاون اليوم الاثنين، لتقرّر إرسال 100 مراقب إلى أوسيتيا الجنوبية. وكان مدفيديف قد اتصل بالرئيس الفنلندي تارجا هالونين، الذي ترأس بلاده حالياً منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وأبدى استعداد بلاده للتعاون مع المنظمة، من خلال توسيع دورها. إلّا أن المنظمة أعلنت أن مصير أوسيتيا الجنوبية يجب أن يقرره سكانها بأنفسهم.
أما وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، ورغم إعلان الرئيس الروسي توقيت الانسحاب، إلا أنها تابعت تصعيدها نحو روسيا، مجددةً القول إن «موسكو لا تفي بالالتزامات التي تعهدت بها، وخصوصاً لجهة سحب قواتها فوراً». ورأت أن «العملية العسكرية التي شنتها روسيا في جورجيا قضت على سمعتها، وهي تدفع ثمن تداعيات أعمالها».
وتتوجه رايس إلى بروكسل للمشاركة في اجتماع وزاري استثنائي في حلف شمال الاطلسي حول روسيا، معربة عن ثقتها «بأن الحلف سيؤكد أنه يبقى منفتحاً على انضمام جورجيا وأوكرانيا». ولوحت بإجراءات عقابية بحق موسكو، لم تكشف عن مضمونها، مكتفية بالتذكير بأن روسيا «تسعى إلى الانضمام إلى منتديات دولية سياسية ودبلوماسية واقتصادية».
بدوره، أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس أن «الاحتلال الروسي لجورجيا أوضح أن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، هو الذي يمسك بزمام السلطة، لا الرئيس ديمتري مدفيديف». وأضاف أن «بوتين قال إن السلطة التي مارسها رئيساً ستنتقل إلى خلفه. إلا أن الأحداث أظهرت عكس ذلك».
من جهة أخرى، وبالتوازي مع توجه رايس إلى وارسو للتوقيع مع نظيرها البولندي رادوسلاو سيكورسكي اتفاق الدرع الأميركية المضادة للصواريخ، ذكّرته صحيفة «صنداي تايمز» بأن «روسيا تخطط لتسليح أسطولها في البلطيق برؤوس نووية للمرة الأولى منذ انتهاء الحرب الباردة، وإحياء وجودها العسكري في كوبا، وتجاهل تقييد أوكرانيا لتحركات أسطولها في البحر الأسود».
ويأتي ذلك بعد 24 ساعة على تهديد روسيا لبولندا بهجوم نووي إذا سمحت لواشنطن بنصب قسم من منظمة الدفاع الصاروخية على أراضيها.
ميدانياً، وقبل تحديد مدفيديف موعد انسحاب القوات الروسية، استمرّ السجال الجورجي ـــــ الروسي غي صدقية هذا الانسحاب، إذ أعلن قائد منطقة غوري الجنرال فياتشيسلاف بوريسوف، «وصلت قوات حفظ السلام، والقوات الروسية تنسحب تدريجاً». فيما اتهمت تبيليسي موسكو بتعزيز مواقعها العسكرية. كذلك منعت القوات الروسية الشرطة الجورجية من دخول مدينة غوري. وسيطرت القوات الروسية على مدينتي كاتشوري وأخالغوري، شمال شرق غوري. وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد أعلن أول من أمس، أن القوات الروسية ستبقى في جورجيا «ما دام ذلك ضرورياً». كذلك أعلنت وزارة الخارجية الجورجية أن متمردين أبخازاً تدعمهم سيطروا على 13 قرية جورجية.
(أ ف ب، يو بي آي، أ ب، رويترز)