واشنطن تثني على «أكثر الشركاء التزاماً»... بـ«صداقتها»في إعلان مفاجئ، قرّر برويز مشرّف الاستقالة، قاطعاً الطريق على خصومه بمساءلته أمام البرلمان. لكنه لم يكن مفاجئاً لواشنطن التي بدت كأنّها تريد أن تُغلق مرحلة وتفتتح أخرى مع حليف جديد، وإن لم تتنكّر لجهود «شريكها» في الحرب على الإرهاب، وربّتت كتفه مودّعةأعلن الرئيس الباكستاني، برويز مشرف، أمس، الاستقالة من أجل «باكستان أولاً»، ليتجنّب بذلك معركة الإقالة التي أعلنتها ضدّه حكومة الائتلاف، في خطوة رحبت بها عواصم القرار، ولا سيما واشنطن، التي ودّعت بكلمات رنانة «الصديق والشريك الأميركي» وأملت متابعة المسيرة مع «الحليف المقبل».
وقال برويز مشرّف، في كلمة متلفزة توجّه خلالها إلى الشعب الباكستاني، إنّه قرّر الاستقالة «بعد دراسة الوضع واستشارة المستشارين القانونيين والحلفاء السياسيين، وبعد نصيحتهم»، مضيفاً: «أترك مستقبلي في أيدي الشعب». وأشار إلى أنّه سيسلّم استقالته إلى رئيس مجلس النواب.
وأكّد مشرف أنّ التهم التي وجّهتها إليه حكومة الائتلاف بهدف مساءلته من البرلمان هي عارية عن الصحة قائلاً إنه «لا يمكن إثبات أي تهمة في إطار المساءلة ضدّي، لأنني لم أفعل أي شيء لمصلحتي الشخصية، بل كان كل شيء من أجل مصلحة باكستان».
ودافع مشرّف في خطابه طويلاً عن فترة حكمه، مشيراً إلى أنّه «ساعد على إرساء القانون والنظام في البلاد، كما أسهم في تحسين وضع حقوق الإنسان والديموقراطية، وأصبحت باكستان دولة مهمة على الساحة الدولية». وقال: «لقد كانت فلسفتي هي باكستان أولاً».
وبعد تسليم استقالته، من المقرر أن يحلّ مكانه رئيس مجلس الشيوخ، حليفه محمد ميان سومرو إلى حين انتخاب خلف له من البرلمان (مجلسي النواب والشيوخ) في غضون ثلاثين يوماً.
وأتت استقالة مشرّف، بعد معارك ضارية خاضها من أجل الاستمرار بمنصبه، لكنّه لم يفلح. وكشف مسؤولون أنّ معاوني مشرّف أجروا محادثات مع حكومة الائتلاف بوساطة سعودية وأميركية وبريطانية للسماح بخروج «مشرِّف» للرئيس الباكستاني من السلطة في مقابل سلامته الشخصية.
وتزايدت التكهنات عن مصير مشرّف، عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ليل أول من أمس أنّ بلادها لا تفكّر حالياً في منح مشرف اللجوء السياسي. وقالت: «هذه ليست مسألة مطروحة على الطاولة، وأريد أن أواصل التركيز على ما يجب عمله مع حكومة باكستان الديموقراطية».
وبعد إعلان مشرّف تنحّيه، أشادت رايس بجهود «الحليف في الحرب على الإرهاب»، وقالت فيه: «كان صديقاً للولايات المتحدة، وأحد أكثر الشركاء في العالم التزاماً في الحرب على الإرهاب والتطرّف». وأكّدت أنّ واشنطن «ستواصل العمل مع الحكومة الباكستانية والقادة السياسيين في محاربة التطرّف والإرهاب».
بدوره، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض غوردن جوندرو أنّ «الرئيس (جورج) بوش ملتزم العمل مع باكستان لتعزيز الديموقراطية وقتال الإرهاب».
وتوالت ردود الفعل على استقالة مشرّف، فعبّرت كابول عن أملها أن تسهم الاستقالة في تعزيز الديموقراطية والاستقرار في باكستان. فيما أعربت موسكو عن أملها ألا تعقّد الاستقالة الوضع السياسي فيها.
ومن لندن، أشاد وزير الخارجية ديفيد مليباند بالمكاسب الكبيرة التي حققها مشرّف «في الاقتصاد والحرب على الإرهاب ومحاربة الفساد وتعزيز الحوار مع الهند». ورأى أنّ الاستقالة «مهّدت الطريق أمام الحكومة المنتخبة في إسلام أباد للعمل بما يخدم مصالح الشعب الباكستاني على المدى الطويل».
(أ ب ، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، الأخبار)

ـــــ للأسف فإنّ بعض العناصر الذين يعملون انطلاقاً من مصالحهم الشخصية، وجّهوا ادعاءات كاذبة ضدّي.
ـــــ لقد أجريت انتخابات 18 شباط التي كانت حرة ونزيهة، ونُقلت السلطة بطريقة ودية. وهذا دليل على توجهي الإصلاحي... لقد فشلت كل دعواتي إلى المصالحة.
ـــــ الآن يريد الائتلاف توجيه الاتهامات إليّ بهدف عزلي، لماذا؟ هل لأنّهم يرغبون في إخفاء أخطائهم؟
ـــــ هذا ليس وقت التظاهر بالشجاعة، بل إنه وقت التفكير بجدية... باكستان، كما تعلمون جميعاً، هي حبي، فإنني مستعد للتضحية بحياتي من أجلها. قلبي يعتصر ألماً من أجل الشعب... إذا واصلنا سياسة المواجهة، فلن ننقذ بلادنا، ولن يسامح الناس هذه الحكومة إذا فشلت في ذلك.