أرنست خوري بما أنّ قضية عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي أكثر من مركزية بالنسبة إلى حكّام أنقرة، فإنّ جميع الخطوات المساعِدة للوصول إلى هذا الهدف تصبح مشروعة. على المستويات السياسية، نفّذ مسؤولو حكومة «العدالة والتنمية» الكثير من الشروط، على مستوى التعديلات الدستورية والإصلاحات السياسية والاقتصادية والقضائية. بقي أمر جوهري لا يمكن تحقيقه بالدستور ولا بالقانون ولا بالدبلوماسية: الإرث الحضاري والثقافي الإسلامي التركي البعيد عن ثقافة الأنوار الأوروبية وحداثتها.
وهنا يندرج دور جماعات الضغط ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني لتحاول إقناع العالم بأنّه لا حتميّة تاريخية يفرضها تاريخ تركيا وجغرافيتها وإسلامها على مجتمعها القابل للتأقلم مع قيم الحداثة الغربية.
ومن سيجد حكّام أنقرة أفضل من اليهود الأوروبيين ليوجّهوا رسالة إلى الغرب مفادها أنّ تركيا «جزء من أوروبا»؟ أساساً، لليهود تاريخ طويل في تركيا حتّى قبل حقبة الجمهورية. وإلى اليوم، لم ينقرضوا، وتعيش غالبيتهم (لا أرقام رسمية عن أعدادهم في الدولة العلمانية) في إسطنبول (90 في المئة منهم سفارديم والبقية أشكيناز). وللمفارقة، فإنّ حكم الحزب الإسلامي المعتدل منذ 2002، لم يؤثّر سلباً على العلاقة مع يهود البلد، بل يبدو أن العكس حصل بالفعل. فشهر آب الجاري وأيلول المقبل، يصحّ تسميتهما «شهرَي اليهود». ففي 17 من الشهر الجاري، وصل إلى تركيا 500 يهودي أوروبي اختاروا لهذا العام مدينة إسطنبول لتنظيم مخيّمهم الصيفي اليهودي السنوي. الأبرز في الموضوع، هو أنّ المخيم الصيفي نُظِّم سابقاً في تركيا، إلا أنه لم يحصد سوى مشاركة 30 شاباً وشابة يهوداً، بينما سيكون العدد لهذا العام 500! وعن سبب اختيار تركيا لمخيّمهم، أوضح منظّموه أنّ الهدف مزدوج: محاورة العالم الإسلامي و«توجيه رسالة واضحة إلى العالم هي أنّ تركيا كانت ولا تزال جزءاً من أوروبا ويجب التعاطي معها على هذا الأساس». والمدينة نفسها ستشهد في 7 أيلول المقبل، «يوم الثقافة اليهودية العالمي»، وهي مناسبة سنوية أيضاً تجمع عادةً بين 150 ألفاً و200 ألف شخص من العالم أجمع ليعرضوا ثقافاتهم الوطنية اليهوديّة وللتقرّب من الديانات الأخرى.
وقد بدأ إحياء هذا اليوم منذ عام 1996، وسبق لتركيا أن استضافته في 2003 (خلال عهد حكومة رجب طيب أردوغان). وسيكون لهذا العام طابع خاصّ، إذ إنّه سيتزامن مع شهر رمضان، لذلك سيُختتَم بإفطار يجمع يهوداً ومسلمين. وشأنها شأن المخيم اليهودي العالمي، ستركّز نشاطات الاحتفالية على الطابع الأوروبي الغربي للثقافة اليهودية التركيّة.


يُفتَتَح اليوم في إسطنبول، المؤتمر المسكوني للكنيسة الأرثوذكسية اليونانية في تركيا. وقدّم الرئيس السابق لإحدى بلديات إسطنبول، تحسين صالح أوغلو، طلباً رسمياً لمنع المؤتمر الديني، لكونه يناقض مبادئ اتفاقيّة لوزان (1923) التي تنصّ على ضرورة أن يكون جميع المشاركين في أي مؤتمر ديني في تركيا، حاملين لجنسيتها. وردّت الكنيسة في بيان بأنّ بنود المعاهدة المذكورة لا تنطبق عليها بما أنّه لا شخصيّة معنويّة لها.
(الأخبار)