عطلة نهاية أسبوع حافلة في باريس 43 زعيم دولة استضافتهم عاصمة الأضواء في إطار ما بات يعرف رسمياً بـ«الاتحاد من أجل المتوسط». تمكّن رئيسها نيكولا ساركوزي، للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي، من جمع زعماء 10 دول عربية إلى طاولة واحدة مع رئيس وزراء إسرائيلي، صادف أنه إيهود أولمرت، المهدد بإطاحته من منصبه خلال أشهر. مكافأة تطبيعية قدمها له سيد الإليزيه، الذي يتفاخر بـ«صداقته لإسرائيل»، على طبق من ذهب. علماً بأن المسؤولين الأوروبيين لا يخفون أن أحد الأهداف الأساسية لهذا الاتحاد ما هو إلا التمهيد لصلح عربي ـــــ إسرائيلي، يتخذ من رجال الأعمال والمشاريع الاقتصادية المشتركة والقطاع الخاص آلية للوصول إليه، تحت عنوان «تعلّم الجميع أن يحبّوا بعضهم بعضاً في المتوسط»، بحسب تصريح ساركوزي.لكنها عطلة نهاية أسبوع سورية بامتياز، بعد المصالحة التاريخية التي شهدها قصر الإليزيه بين ساركوزي والرئيس السوري بشار الأسد، اللذين فتحا صفحة جديدة من العلاقات، يتوقع أن تأخذ بعداً «استراتيجياً»، بعد مقايضة تمثلت بزيارة من المقرر أن يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى دمشق منتصف أيلول المقبل، في مقابل موافقة الرئيس السوري على إقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان.
صفحة جديدة اتخذت من الأزمة اللبنانية لبنة أولى للبناء عليها، وانعكست عليها من خلال قمة رباعية رعاها ساركوزي وضمّت إليه كلاً من الأسد والرئيس ميشال سليمان وأمير قطر الشيح حمد بن خليفة آل ثاني؛ قمة أنتجت تفاهماً بين الرئيسين الجارين، اللذين التقيا مجدداً أمس، على إقامة سفارتين في بيروت ودمشق، وعلى دعوة سليمان لزيارة سوريا... من دون الرئيس فؤاد السنيورة.
بل أكثر من ذلك، بدا واضحاً أن الأسد سعى إلى مكافأة ساركوزي، الذي فتح له أبواباً كانت موصدة أمام دمشق حتى الأمس القريب، عندما وضع الدور الفرنسي على المستوى الأميركي نفسه وطالب بأن يكون لأوروبا «وخصوصاً فرنسا دور الراعي» للمفاوضات غير المباشرة السورية ـــــ الإسرائيلية، على قاعدة أنه مكمل للدور الأميركي، الذي وصفه بأنه «ضروري».
أبواب كان أوّلها «التزام» سيد الإليزيه بـ«اتخاذ كل الإجراءات المناسبة بهدف التوقيع على اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وسوريا والمصادقة عليه في أقرب وقت». وثانيها لقاء جمع الأسد مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي قالت إنها طلبت منه أن «يقرن القول بالفعل».
ويبدو أن الهالة التي أحاطت زيارة الأسد إلى فرنسا قد زادته قناعة بأن «أي دولة ترغب في تسوية مشاكل الشرق الأوسط عليها أن تتحدث مع سوريا»، حسبما أفاد في مقابلة مع القناة الثانية الفرنسية.
وكان لافتاً تهديد الرئيس ميشال سليمان بـ«عمليات عسكرية» لتحرير مزارع شبعا «إذا فشلت الجهود الدبلوماسية وتطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 1701».


على نار حامية

على نار هادئة