«كان رائعاً رؤية الزعماء العرب المتوسطيين إلى جانب أولمرت»بسّام الطيارة
اجتاحت الأسئلة والشائعات قاعة الصحافيين في مقرّ انعقاد «قمّة الاتحاد من أجل المتوسّط» بعد تأخّر انعقاد المؤتمر الصحافي الختامي لأكثر من ساعة. دام انتظار البيان النهائي طويلاً بعد خطاب كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس المفوضيّة الأوروبية خوسيه مانويل باروز والرئيس المصري حسني مبارك والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نهاية عملية إطلاق هذا «الاتحاد»، الذي بدأ عدد من الصحافيين بتسميته «برشلونة ٢».
لم يكذّب البيان النهائي «هذه الصفة»، إذ إن الاسم النهائي للاتحاد بات: «مسار برشلونة: اتحاد من أجل المتوسط». ولم يعد صحيحاً ما كان يكرره سابقاً الرئيس ساركوزي من أنها فكرة مختلفة تسعى إلى أهداف مختلفة.
وعلمت «الأخبار» من مصادر مقرّبة من وفود أوروبية أن «بعض دول الاتحاد الأوروبي» طالبت بألّا يتم الخروج عن مسار بوشلونة وأن يكون الاتحاد «مكملاً له». وبرز هذا من «الإرجاء الذي طال عدداً من المشاريع إلى لقاء شهر تشرين الثاني في مرسيليا جنوب فرنسا». وعبر أكثر من مسؤول عن «تفاؤل حذر بمستقبل الاتحاد»، وخصوصاً أن الاجتماع الأخير للرؤساء التأم، وأمام الزعماء كمّ من النقاط غير المحلولة.
إلا أن «شائعة خروج الوفد السوري» طغت على أحداث نهاية المؤتمر، وخصوصاً أنها أتت بعدما كان وزير الخارجية وليد المعلم قد خرج أيضاً صباحاً خلال الاجتماع التقني لوزراء الخارجية. إلا أن مصدراً سورياً أكد لـ«الأخبار» أن الرئيس الأسد «كان مرتبطاً بموعد». واستطرد المصدر بأن سوريا «لم ولن تقاطع اللقاء وأن الأسد سيحضر حفل العشاء، إضافة إلى حضوره العرض العسكري غداً (اليوم)».
ورغم أن دبلوماسيين وشهوداً أكدوا أن الأسد والرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يكونا حاضرين في القاعة عندما تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في القمة، إلا أن ساركوزي قال، رداً على سؤال صحافي عن أسباب خروج الأسد، إن «الخروج لم يحصل» وإن ناقل الخبر «مغرض». إلا أن الرئيس المصري حسني مبارك، الذي يشارك ساركوزي في رئاسة القمة، بادر إلى خطف إجابة. وقال «إن الذي يخرج يخرج وما المشكلة»، ثم استطرد بأن خروج «شخصية يكون عندها ارتباط ما أو موعد ليس شيئاً ذا أهمية».
وأكدت إجابة الرئيس المصري ما كان قد تسرّب إلى القاعة الإعلامية من «خلاف ما» من دون إمكان معرفة ما كمن وراءها. إلا أن هذا لم يمنع من أن الكثير من المبادرات المشجعة على السلام في الشرق الأوسط بدرت خلال القمة التي جسّدت «حلم ساركوزي».
وتبنّى رؤساء الدول والحكومات إعلاناً من عشر صفحات يشكل وثيقة ولادة الاتحاد، التي عبر ساركوزي في ختام الاجتماع عن ارتياحه لولادته. وقال «حلمنا بهذا الاتحاد من أجل المتوسط وقد أصبح حقيقة». وتوجّه إلى الفلسطينيين والإسرائيليين بقوله «العالم يراقبكم». ورأى أن الدول العربية التي حضرت إلى القمة «قامت بخطوة نحو السلام»، معبراً عن أمله في كتابة تاريخ مشترك بين الشمال والجنوب. وأضاف «كان رائعاً رؤية الدول العربية المتوسطية ممثلة على أعلى المستويات إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي».
ولكن في غياب أي صورة جماعية للقادة المشاركين، ما يشير إلى «أنه لا يزال يوجد الكثير قبل بدء الحديث عن تطبيع وسلام»، كما ذكر دبلوماسي عربي لـ«الأخبار»، بينما يرى الفرنسيون أن مجرد جمع بعض المتحاربين منذ فترة طويلة إلى طاولة واحدة يمثّل بحد ذاته «انتصاراً».
ويرى بعض المراقبين أن لقاء القمة «هو للاستهلاك المحلي بالنسبة إلى ساركوزي» وأنه سيخرج من إطار «الهيمنة الفرنسية» ليتم وضعه «تحت سلطة بروكسل»، أي المفوضية الأوروبية بشكل عام، وهو ما عدّه البعض انتصاراً لميركل، فيما عبرت الدول «الشمالية» عن شكوكها في مستقبل المشروع.
ورغم أن المراقبين تابعوا بشغف مكان جلوس الأسد وأولمرت إلى طاولة واحدة، إلا أن عدداً كبيراً منهم أكد «أن الرابح الكبير هو الرئيس السوري»، الذي توقّع اتفاق سلام مع إسرائيل خلال ستة أشهر أو سنتين، بعدما كسر عزلة سوريا بدعوته وحضوره ولقاء القمة الرباعية قبل يوم، إضافة إلى إعلان ساركوزي أنه سيزور دمشق في النصف الأول من أيلول.
وفي السياق، أعلنت باريس أمس تبرئة سوريا من أي مسؤولية في الهجوم الذي استهدف القوات الفرنسية في لبنان عام 1983. وقال مسؤول فرنسي رفيع المستوى إن سوريا ليست ملامة في هذا «الاعتداء المميت»، آملاً في وقف التوتر بين بلاده ودمشق. لكن المسؤول في مكتب ساركوزي ألقى باللوم على إيران وحزب الله.
وكانت دمشق قد اشتبه بتورطها في الهجوم على مقر القوات الفرنسية في بيروت، والذي أدّى إلى مقتل 58 جنديّاً كانوا يعملون في إطار القوة المتعددة الجنسيات لحفظ السلام في لبنان.
وعلى هامش القمّة، أعلنت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عقد لقاءً مع أولمرت. وأضافت الوكالة أن رئيس الحكومة القطرية ووزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني شارك أيضاً في اللقاء الذي تركّز على «الجهود المبذولة لدفع عملية السلام» في الشرق الأوسط.


10 مقاعد تفصل الأسد عن أولمرتوجرى اعتماد التوزيع نفسه خلال اجتماع وزراء الخارجية، الذي سبق القمّة، حيث جرى فصل وزير الخارجيّة السوري وليد المعلم عن نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني.
(أ ف ب)