ساركوزي يتألّق وضيوفه العرب... وكارلا بروني لها مآربها الخاصةباريس ــ بسّام الطيارة

تابع الفرنسيّون عن كثب أمس العرض العسكري للعيد الوطني، الذي تقدمه جنود حفظ السلام التابعون للأمم المتحدة وتبعهم الجنود النظاميون الفرنسيون. ولكن أنظارهم كانت تائهة بين المنصة الرسمية لتبيان مكان جلوس كل زعيم ونسبة ابتعاده أو قربه من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وخصوصاً موقع «نجم الأيام الثلاثة بلا منازع» الرئيس السوري بشّار الأسد.
وسعت بعض الصحف إلى الربط بين وجود الزعيم السوري وبين «الهجوم على بناء دراكار عام ١٩٨٣» في بيروت، الذي راح ضحيته ٥٨ جندياً فرنسياً. إلا أن عدداً من المسؤولين الفرنسيين الرفيعي المستوى أكدوا للإعلام أن سوريا «لا تتحمّل أي مسؤولية في الهجوم المميت». وأردف أحدهم، شرط عدم ذكر اسمه، «قد لا يريد البعض أن يكون الأسد هنا لكن القول إن ذلك بسبب مسألة دراكار هو خطأ واضح».
ويرى مراقبون أن ربط هذا التململ بـ«أحداث خارجية» هو تهرّب من «أن الجيش الفرنسي لا يبتلع بسهولة الإصلاحات» التي ينوي ساركوزي إخضاع الجيش لها في سياق «القطيعة» التي انتُخب على أساسها. وهو واقع أبرزته بعض الصحف الفرنسية أمس، مثل «الباريزيان»، التي عنونت «الجيش ليس في وارد الاحتفال». وأوضحت أن إلغاء ٥٤ ألف منصب في الجيش وتغيير الخريطة العسكرية للثكن هما اللذان يدفعان «الصامت الأكبر»، وهي تسمية الجيش الفرنسي، إلى الكلام.
وأكد أحد كبار الضباط، لـ«الأخبار»، «أن الجيش لا يمكن أن يعترض على قرارات رئيس الجمهورية» الذي له الحق في دعوة من يشاء لأنه هو الذي يقرر السياسة العليا الفرنسية وله أيضاً الحق في إنجاز ما يراه مناسباً من إصلاحات، وبالتالي فإن أي تململ في الجيش «ليس إلا من باب تنفيس الاحتقان ويدخل في إطار حرية الرأي التي هي حق كل مواطن».
إلا أن وزير الدفاع إيرفيه موران شدد على أن «هناك حدوداً لحق الجنود في التعبير عن مشاعرهم»، رغم أن الاستعراض يأتي بعد أقل من أسبوعين على استقالة رئيس أركان الجيش الجنرال برونو كوشيه بسبب وصف ساركوزي العسكريين بأنهم «هواة».
وبالعودة إلى منصة العرض العسكري، فقد احتل الأسد المكان الثالث إلى يمين ساركوزي في الصف الأول، ما يوحي بأن الرئيس الفرنسي قرر إقران كلام البيان المشترك وخطابه عن عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعي بالفعل، فاختار أن يجلس في الصف الأول سبعة زعماء عرب منهم الرئيس اللبناني ميشال سليمان والفلسطيني محمود عباس وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، فيما أُجلس رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في الصف الثالث.
وعلى هامش العرض العسكري، أوقفت الشرطة الفرنسية مسؤول منظمة «مراسلون بلا حدود»، روبير مينار، مع نحو عشرة ناشطين سوريين كانوا يرددون «الحرية في سوريا».
وكانت القوات الفرنسية المساهمة في قوات «اليونيفيل» محط «تمييز وتشريف» بجعلها تتقدم العرض العسكري الذي دام ساعة ونيف وسط أجواء الترقب والمراقبة.
الأجواء نفسها رافقت حفل الاستقبال في الإليزيه، الذي استقبل هذه السنة ٤٥٠٠ ضيف بدلاً من ٨٠٠٠ سابقاً في عهد جاك شيراك، الذي كان يعدّ هذه المناسبة «فرصة تواصل شعبية»، بينما يحاول ساركوزي جعلها «محطة في خطط تواصله الإعلامية» بدعوة فقط من «يمكنه أن يكمل الصورة التواصلية» التي يريد أن يبرزها. ولوحظ أن الصحافة العربية مستهدفة بشكل بارز، إذ إن القسم الأكبر منها بات مستبعداً عن عتبات الإليزيه مع تمييز واضح في المعاملة.
ولكن هذا لم يمنع بعض التسريبات من الخروج من القصر، وفي مقدمتها أن كارلا بروني، زوجة الرئيس، «وضعت لائحة مدعوّين خاصة بها»، تضمنت ٥٠ اسماً من العاملين معها. ويقول أحد المراقبين إن مناسبة العيد الوطني في الإليزيه تناسب أيضاً العملية التواصلية لبروني، مذكراً بأن «ألبومها الأخير صدر يوم افتتاح قمة المتوسط».
وبحسب بعض «المحظوظين» الذين تلقوا «بطاقة الدعوة»، فإن الحديث الذي طغى في داخل حدائق الإليزيه كان عن المحتفى به «الأسد وشجاعة ساركوزي»، الذي وصفه بعضهم بأنه «يقود مخاطرة كبيرة بإخراج سوريا من عزلتها». ويشدد آخرون على «الإنجازات»، وفي مقدمتها «خط سبل الإسراع في إرساء السلام في المنطقة»، بحسب دبلوماسي أوروبي، أكد أن «وضع الاتحاد من أجل المتوسط في عهدة الأوروبيين هو ضمانة بعدم تسييس المشاريع» المنوي طرحها على الضفة الجنوبية من المتوسط، في خالفه دبلوماسي عربي الرأي بقوله بضرورة تسييس الحل قبل الانطلاق بمشاريع اقتصادية.