رغم انتهاء زيارة الرئيس السوري إلى باريس أمس، إلا أن حضوره كان مناسبة إعلاميّة لإثارة العديد من القضايا، من خلال عدد من المقابلات الإذاعية والتلفزيونية، في مقدمتها السلام وإيران
باريس ــ الأخبار

حذّر الرئيس السوري، بشار الأسد أمس من أن شن هجوم عسكري على إيران بسبب برنامجها النووي ستكون له عواقب خطيرة على الولايات المتحدة وإسرائيل والعالم. وأضاف، في مقابلة مع إذاعة «فرانس انتير»، أن مثل هذا الهجوم سيكلف الولايات المتحدة والعالم «غالياً»، موضحاً أنه «سيؤثر، إن حدث على إسرائيل» التي «ستدفع ثمن هذه الحرب مباشرة، لأن هذا ما قالته إيران».
وقال الأسد إن «المشكلة لا تكمن في الفعل ورد الفعل، بل في أنه حين يبدأ طرف مثل هذا العمل في منطقة الشرق الأوسط لا يمكنه التحكم في ردود الفعل التي يمكن أن تمتد لسنوات، بل لعقود». وأضاف أن المنطق يملي ألا يحدث هجوم على إيران بسبب التداعيات الخطيرة لذلك. ولكنه أوضح أن الإدارة الأميركية الحالية «لا تتفق مع هذا المنطق بالضرورة». وشدد الأسد على أن إدارة جورج بوش «مبدأها شن الحرب، وهي لا تتفهم منطق سوريا ومنطق معظم الدول الأوروبية ومعظم دول العالم».
وكشف الرئيس السوري عن أنه سيستجيب لطلب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ويستغل علاقاته الطيبة مع إيران للمساعدة في تسوية المواجهة النووية مع الغرب.
وأوضح أنه سيجري محادثات مع أصدقائه الإيرانيين للوصول إلى لب القضية وتفاصيلها، موضحاً أنها المرة الأولى التي يطلب فيها من سوريا أن تضطلع بدور في المسألة.
ومع سريان الدفء في العلاقات بين باريس ودمشق، قال الأسد إن دمشق تنوي شراء طائرات «ايرباص» وإنها منفتحة لإبرام عقود مع شركة النفط الفرنسية «توتال». وأضاف أن «شركة توتال كان لها وجود في سوريا في الماضي، ودمشق وجهت الدعوة لرئيس توتال لزيارتها».
وكان الأسد قد التقى أول من أمس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقالت مصادر في الوفد السوري، لـ«الأخبار»، إن بان قال للرئيس السوري: «كل ما حدثتني به منذ عام صار حقيقة، وسوريا فعلاً التزمت بما قالته، وكانت مواقفها واضحة ولم تتغير. نقدر موقف سوريا في دعم اتفاق الدوحة وتنفيذه ودعم تأليف حكومة لبنانية». وأضافت أن بان عبر عن سعادته «بإعلان الرئيس الأسد أن العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان ستكون في طريقها للتنفيذ».
وأشارت المصادر نفسها إلى أن الوضع الفلسطيني كان ضمن الموضوعات المطروحة في مباحثات الأسد ـــــ بان، مشيراً إلى أن الأسد ركز على «ضرورة دعم سوريا ولبنان لوحدة الصف الفلسطيني بما يمكنه من استعادة حقوقه المشروعة».
وقال الأسد لبان، بحسب المصادر، إن «الوفاق بين الفلسطينيين هام جداً»، داعياً الأمم المتحدة إلى أن تؤدي دورها في هذا المجال، وأن يجري العمل «للوحدة الفلسطينية كي يتحقق ما اتُّفق عليه في أنابوليس». كما أكد الأسد أن الحل في ما يتعلق بحصار غزة «يجب أن يكون سياسياً».
وشدّد الأسد على أن «الحل في المنطقة يكمن في استعادة الأراضي المحتلة كاملة، شبعا وكفرشوبا والجولان»، مؤكداً أنه لا بد من استعادة الأراضي المحتلة لإعطاء «فرصة للسلام». ولفتت المصادر إلى أن الأسد وضع مزارع شبعا وكفرشوبا قبل الجولان أثناء حديثه عن استعادة الأراضي.
إلى ذلك، نقلت صحيفة «هآرتس» أمس عمّا وصفتها مصادر في حاشية الرئيس السوري، قولها إن «دمشق ستستمر في محادثات السلام غير المباشرة مع إسرائيل في غياب رعاية أميركيّة». وأضافت أن «الأسد يشعر بأنه في موقع قوة اليوم، ولا يعتزم بتاتاً التنازل عن مطالبه في ما يتعلق بإطار المفاوضات».
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت سعى جاهداً إلى عقد لقاء مع الأسد، أو على الأقل مصافحة علنية أمام وسائل الإعلام، إلا أن الرئيس السوري رفض ذلك «وتهرب» من الالتقاء معه حتى في أروقة المؤتمر.
ونقلت الصحيفة عن «المصادر السورية» قولها إن الأسد لا يعتزم منح أولمرت أي «بادرة حسن نية ولا حتى مصافحة، لأنه لا سبب لمنح بادرة كهذه لرئيس وزراء ضعيف».
ورجحت «هآرتس» أن يكون أولمرت ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد بحثا في ضم الإدارة الأميركية للمحادثات الإسرائيلية ـــــ السورية وإقناع سوريا على أثر ذلك بالانتقال إلى مفاوضات مباشرة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في حاشية أردوغان قولها إن تركيا ستحاول إقناع بوش «بعدم التسبب بفقدان رافعة المفاوضات».