واشنطن ــ محمد سعيدفضيحة جديدة تدين فريق عمل الرئيس الأميركي جورج بوش في إدارته لمعتقل غوانتانامو. مصدرها هذه المرة أهل البيت الأميركي وكشفت عنها الصحافية الشهيرة في مجلة «نيويوركر» جين ماير في كتابها الذي يصدر هذا الأسبوع بعنوان «الجانب المظلم».
بكل بساطة، تجاهل البيت الأبيض عن عمد الأخذ بتقرير لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه» قدمته في عام 2002، يحذر من أن نحو ثلث المعتقلين في سجن غوانتانامو قد يكونون أبرياء وهم موجودون في المعتقل خطأً.
ويشير الكتاب إلى أنّ مسؤولي البيت الأبيض، وفي سياق تجاهلهم تقرير الـ«سي آي إيه»، أصروا على أن كل معتقلي غوانتانامو هم من «عتاة الإرهابيين». وبحسب وصف وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد، هم أكثر من ذلك، إنّهم «أسوأ الأسوأ».
ويوضح الكتاب كيف أنّ أحد كبار مساعدي نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني استخفّ بالتقرير. هو مدير موظفي مكتبه ديفيد أدينغتون، الذي رفض إجراء تدقيق بالتقرير لأنّ «الرئيس مصمّم على أنهم جميعاً مقاتلون أعداء ولن ننظر مجدّداً في الأمر».
كما تكشف ماير عن دور تشيني ومستشاريه القانونيين في فرض أساليب التجسس والتنصت وتسجيل المكالمات الهاتفية داخل الأراضي الأميركية، واعتقال من يشتبه بصلتهم بـ«الإرهاب»، والتحقيق معهم في الأشهر التي تلت هجمات 11 أيلول 2001.
وأشارت ماير إلى أنّ إدارة بوش قد أعدت المسرح لاستخدام أسلوب الإيهام بالغرق، وهو وسيلة تعذيب لانتزاع الاعترافات، وذلك بتبريرات قانونية من المستشارين القانونيين ومن بينهم البرتو غونزاليس، الذي استقال من منصبه كوزير للعدل. وفي هذه النقطة، تستخلص ماير أنها «المرة الأولى في تاريخنا، يُسمح فيها لمسؤول حكومي بممارسة التعذيب الجسدي والنفسي لمعتقلين وجعل التعذيب القانون الرسمي للولايات المتحدة».
وتنقل الصحافية الاستقصائيّة عن مسؤولين مطّلعين على تقرير الـ«سي آي إيه» قولهم إنّ خبير الاستخبارات الأميركي الذي عاين المعتقل الذي يُعَدّ الأكبر في العالم، اكتشف أن «قسماً كبيراً من المعتقلين الذين قابلهم لم تكن تربطه أي علاقة على الإطلاق بالإرهاب».
أكثر من ذلك، فإنّ التقرير يخلص إلى أن العديد من هؤلاء اعتُقل على خلفية معلومات قدّمها مخبرون لقاء حصولهم على أموال. أما عن عدد المعتقلين بـ«الخطأ» الذي قدّرته ماير فهو ثلث مجمل الموجودين في المعتقل.