بول الأشقرطوت القمة التي جمعت الرئيسين الفنزويلي هوغو تشافيز والكولومبي ألفارو أوريبي، يوم الجمعة الماضي، صفحة من الخلافات بين كاراكاس وبوغوتا، التي استعرت نيرانها إثر الغارة الجويّة الكولومبية على موقع لمنظمة «الفارك» في الإكوادور.
وأعقب القمة، التي عقدت في مركز لتكرير النفط في ولاية فالكون الفنزويلية، مؤتمر صحافي مشترك اعتذر فيه كل من الرجلين للآخر، ووعدا بفتح صفحة جديدة من التعاون.
ولم تتأثر العلاقة الاقتصادية بين البلدين ــــــ يمثّل كل منهما الشريك الثاني للآخر في التبادل الاقتصادي، علماً أن الولايات المتحدة هي الشريك الأول لكليهما ـــــ بالتدهور السياسي، إذ تخطّى التبادل الاقتصادي بينهما خانة الخمسة مليارات من الدولارات السنة الماضية وهو رقم قياسي، بينما تسارعت الوتيرة في الأشهر الأولى من السنة الجارية.
ويقدّر أن تجني القمة فوائد سياسية للطرفين: تشافيز الذي يخوض انتخابات دقيقة بعد أشهر، وأوريبي المتأمل توظيف علاقته المتجددة لتحسين علاقته المترديّة مع نظيريه الإكوادوري رافائيل كوريا والنيكاراغوي دانييل أورتيغا.
وما إن إنتهت القمة حتى علّق عليها وزير الدفاع الكولومبي، خوان مانويل سانتوس، قائلاً «ليت تشافيز يفي بوعده هذه المرة ويبتعد عن الفارك»، ما أثار رد فعل الرئيس الفنزويلي الذي اتهم سانتوس بأداء «دور القنّاص لتفجير التقارب»، ما أجبر أوريبي على إصدار بيان رئاسي يطلب فيه من «موظفيه اعتماد الحذر لعدم تهديد العلاقات المتجددة».
وقال أوريبي، خلال مؤتمر صحافي، إنه قرر إرسال موفد خاص في الأيام القليلة المقبلة إلى زعيم «الفارك» الجديد، الفونسو كانو، لعرض تسوية شاملة بشأن «السلام والإفراج عن الرهائن»، بعدما سئم تجارب الوساطات الدولية المستمرة منذ خمس سنوات. تجارب «تستغلها الفارك للمماطلة ولفت الأنظار عن جرائمها».
وأضاف أوريبي «في حال التوصل إلى اتفاق، سنلجأ إلى لجنة دولية فقط للتأكد من تنفيذه. وفي الحال المعاكسة، ليتحمّلوا نتائج المواجهة العسكرية».
ويجمع المراقبون على أن المبادرة قد تكون مفيدة بالرغم من الحذر الشديد الذي يميّز العلاقة بين الطرفين.
وفي السياق، أصدرت «الفارك» بياناً يتهم اثنين من المسؤولين عن حراسة الرهائن بـ«خيانة التزامهما الثوري». ويقول البيان، الذي يكرر استعداد «الفارك» الاستمرار بالتبادل الإنساني، إن الإفراج هو «نتيجة مباشرة لموقفهما المُدان ولخيانتهما التزامهما الثوري والثقة التي كانت قد وضعت فيهما».
وكانت إذاعة سويسرية قد ذكرت أن الجيش الكولومبي نجح في شرائهما في مقابل 30 مليون دولار للإفراج عن الرهائن. لكن محاميهما كذّب بيان «الفارك»، قائلاً إن «الرجلين مصرّان على إثبات أنهما لم يتخلّيا عن قناعتهما ولم يتلقيا أي مكافأة مالية».
وترى أوساط أخرى ــــــ من بينها الرهينة إنغريد بيتانكور ـــــ أن الخرق لم يحصل على مستوى المسؤولين بل ربما على مستوى من كان مسؤولاً عن الاتصال بهما، وأن بيان «الفارك» يهدف إلى تقليص حجم الخسارة من خلال نسبها إلى «مجرد خيانة». ويرجّح أن تسلم في الأسابيع المقبلة السلطات الكولومبية «سيزار» و «غافاس» للقضاء الأميركي لحجزهما رهائن أميركيين.
إلى ذلك، نشرت مجلة «سيمانا» خبراً مفاده أن «الفارك» قد تكون وراء خطف رجل الأعمال الأميركي الكوبي الأصل، سيسيليو بادرون، من بناما قبل ثلاثة أشهر. الحادث هذا أثار توتراً بين الأميركيين والكولومبيين الذين يعتقدون أن الرجل صار في معسكر للفارك، فيما يرى الباناميون أنه لا توجد حتى الآن دلائل تؤكّد هذه الفرضية.
على الصعيد الميداني، أعلنت الشرطة أنها نجحت السبت الماضي في اعتقال الملقب «تيو باشو» من جبهة «الفارك»، الذي ترى أنّه مسؤول عن 88 عملية خطف خلال السنوات الست الأخيرة. وكانت الشرطة قد ضاعفت أخيراً قيمة المكافأة لمن يوفر لها معلومات تسمح باعتقاله.