أثارت التقارير عن مناورات إسرائيلية في الأجواء اليونانية لمحاكاة ضربة لإيران، الكثير من التساؤلات، ولا سيما أن لا جامع بين اليونان والجمهورية الإسلامية بالجغرافيا، فما الذي يجمع؟
نيويورك ــ نزار عبود

كثيرة هي التقارير عن مناورات تجريها إسرائيل بهدف التحضير لضربة تستهدف برنامج إيران النووي. لكن الغريب في المناورات العسكرية التي أجرتها مئة طائرة حربية وعمودية في حزيران الماضي أنها جرت مع اليونان، التي لا تجاور إيران وتختلف عنها جغرافياً. كما أن المناورات فوق البحر المتوسط لا تحاكي التضاريس الإيرانية، ما يؤشّر إلى أن للمناورات مغزى آخر.
مصادر مطلعة في نيويورك كشفت لـ «الأخبار» أن مناورات إسرائيل مع اليونان لم تكن الأولى. فلقد جرت مناورة أخرى شبيهة بها، لكن بوسائل مختلفة، في أوائل عام 2007 ولم يعلن عنها في حينه.
وتؤكد المصادر أنه خلال مناورات العام الماضي، قامت أسراب من المقاتلات الإسرائيلية، ضمت سبع طائرات ناقلة للوقود من طراز «بوينغ 703»، وطائرة من طراز «غلفستريم ـــــ سيغنيت» للتشويش والتعقب الإلكتروني، فضلاً عن 25 طائرة من طراز «أف 15» و«أف 16»، بخرق مجال أثينا الجوي عند الساعة الحادية عشرة صباح 5 شباط 2007.
وقعت المناورة في جنوب شرق جزيرة كارباثوس جنوب بحر إيجه على علوّ متفاوت بين 22 ألف و44 ألف قدم. وعمدت الطائرات إلى الانكفاء إلى قواعدها بُعيد رصدها بواسطة رادارات اليونان وانطلاق طائرات متأخّرة لتعقّبها.
قيل إن المناورة كانت ترمي إلى التدرّب على التزوّد بالوقود جواً. وقدم الإسرائيليون طلباً للسماح لسبع طائرات من طراز «بوينغ 703» بالتحليق في سماء اليونان، لكنهم لم يأتوا على ذكر الطائرات الحربية المقاتلة أو طائرة التشويش، ما أدى إلى حدوث حال هلع في صفوف القوات الجوية اليونانية بالرغم من أن الطائرات كانت في غالبيتها في الأجواء الدولية.
وبحسب المصدر نفسه، فإن القصة وصلت إلى وزارة الدفاع الأميركية، وأن الأميركيين تلقوا معلومات تفيد أن «الإبلاغ عن الطائرات الحربية جرى في اللحظات الأخيرة حرصاً على سرية المناورة». وأضاف إن الغاية من تلك المناورة لم تقتصر على اختبار القدرة على التزوّد بالوقود جواً، بل أيضاً لمباغتة رادارت يونانية موضوعة في جزيرة كريت، تضم صواريخ «سام» مضادة للطائرات من طراز «أس ـ300» الطويلة المدى، وهي صواريخ روسية تعرف غربياً بطراز «أس ـ20».
وتستطيع هذه الصواريخ اعتراض صواريخ بالستية وتدميرها، وتعدّ من أفضل أنواع الصواريخ التي تتصدّى لهجمات جوية عديدة في آن واحد. وتستطيع راداراتها تعقّب مئة هدف في وقت تتصدّى فيه لـ12 هدفاً. ولا يستغرق نشر تلك الصواريخ سوى خمس دقائق.
وكانت إيران قد حصلت في كانون الثاني 2007، على 29 نظام دفاع جوي من طراز «تور - ام 1» بموجب عقد بقيمة 700 مليون دولار وقّع أواخر عام 2005. وسيُنشر النظام المضاد للطائرات من طراز «أس ـ 20» في أوائل العام المقبل.
ويتمتع نظام الدفاع الصاروخي المضاد للطائرات «أس – 300» بالقدرة على إسقاط الطائرات بمدى يتجاوز 300 كيلومتر وارتفاع يصل إلى نحو 27 كيلومتراً، ما يعني أنه يمكن إصابة المقاتلات والقاذفات الأميركية قبل وصولها إلى الأجواء الإيرانية. واليونان واحدة من مجموعة دول حصلت على أنظمة «أس ـ 300».
أما ما حدث في أوائل حزيران الماضي، فيختلف كثيراً عن شباط 2007. فأكثر من مئة طائرة معظمها عمودي قامت بمناورات للتدرب على نقل جنود أو إنقاذ طيارين من الأراضي الإيرانية فضلاً عن اختبار كيفية التعامل مع نظام الدفاع المضاد للطائرات في الجزر اليونانية.
والمناورة بطائرات عمودية تشير إلى تغير رئيسي في التدريبات الإسرائيلية. أما الكشف عنها، فيؤكد أن الحرب لا تزال تدور في الإطار الدعائي.