أرنست خورييعرف الجميع أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتعمّد استخدام أسلوب توجيه الأوامر في إصدار التعليمات وسهام الانتقادات القاسية والمباشرة والفظّة حتّى. مشكلة يعانيها مواطنو وصحافيّو بلاده، وبدأت ملامحها تنعكس سلباً على رئاسة فرنسا للاتحاد الأوروبي.
فيوم الثلاثاء الماضي، أصدر ساركوزي من باريس أمام نوّاب حزبه «التجمع من أجل حركة شعبية»، «أمر اليوم» للإيرلنديّين: عليكم أن تصوّتوا مرة ثانية على «معاهدة لشبونة». وذلك رغم رفضهم لها بغالبية 53 في المئة في استفتاء 12 حزيران الماضي. كلمات قليلة كانت كافية لتفجير غضب شعبي ورسمي حتّى ضدّ الرئيس الفرنسي. موالون ومعارضون للمعاهدة البديلة عن الدستور الأوروبي، أجمعوا على أنّ ساركوزي، الذي يحطّ في عاصمتهم دبلن يوم الاثنين المقبل، يتعاطى معهم بطريقة «مهينة». فهم قالوا كلمتهم بينما يحاول هو إجبارهم على تغيير سلوكهم من دون تعديل حرف واحد من المعاهدة. رئيس الحكومة بريان كوين إلى وزير خارجيّته مايكل مارتن ووزير الشؤون الأوروبية ديك روش كلهم أكّدوا أنهم حين سيستمعون إلى ساركوزي الاثنين المقبل، «لن يرتعبوا» من أوامره. حتّى إنّ مارتن أوضح أنّ مسؤولي بلاده «لا ينوون السماح لأحد بإجبارهم على أيّ شيء»، وأنهم سيناقشونه من منطلق «المصلحة الإيرلنديّة أوّلاً».
حتّى حزب العمّال، أحد الأحزاب المتحمّسة لـ«معاهدة لشبونة»، عبّر عن استيائه من «أوامر» ساركوزي بالقول إنها كانت «خطأً كبيراً» على حدّ تعبير رئيس الحزب أيمون غيلمور، الذي توقّع أن يكون استماع الايرلنديين للرئيس الفرنسي «استماعاً فارغاً».
حزب الـ«شي فين»، وهو الحزب الوحيد الذي تبنّى الـ«لا» في الاستفتاء، وصف دعوة سيد الإليزيه بأنها «مهينة بالعمق». أكثر من ذلك، فهي تعبير عن السلوك «اللاديموقراطي السائد في مؤسسات وروحيّة الاتحاد الأوروبي».
اليوم، تظهر استراتيجية واضحة من إصرار مسؤولي الاتحاد على الاستمرار في إقرار برلمانات الدول الـ27 للمعاهدة: الهدف هو ممارسة المزيد من الضغوط على الايرلنديين، المحظيين وحدهم بقبول أو رفض النصّ بموجب استفتاء شعبي، لعزلهم عن محيطهم الأوروبي وإجبارهم على القبول بالمعاهدة «غير القابلة للتعديل»، على حدّ تعبير المسؤولين في بروكسل.