أرنست خوريقلق عميق يسود القيادة التركيّة من جرّاء احتمال أن يقضي الاتفاق الأمني المنويّ توقيعه بين واشنطن وبغداد، على القيمة الاستراتيجيّة التي تتمتّع بها قاعدة إنجرليك التركيّة. حتّى إنّ الأميركيين باتوا قريبين جدّاً من أن يفكّوا ارتباطهم التركي، الذي بقيت قاعدة إنجرليك رمزاً له منذ ثمانينيات القرن الماضي، بحيث إنّ وضعيّة تركيا حليفاً «مستقلّاً» عن إرادتهم أمر لا يناسبهم كثيراً.
خلاصة كشف عنها دبلوماسيّون غربيون ومسؤولون أتراك لصحيفة «زمان»، أشاروا إلى أنّ أفول عصر «إنجرليك» استراتيجياً، سيقضي على دور تركيا حليفاً أميركياً أكثر من رئيسي في المنطقة.
حادثة واحدة كانت شديدة التعبير في هذا المجال؛ فمنذ الصفعة التي وجّهتها أنقرة لواشنطن في آذار من عام 2003، عندما رفضت السماح للمقاتلات الأميركية باستخدام القاعدة الجويّة لغزو العراق، انكبّ العقل العسكري الأميركي على البحث عن بديل.
وبالفعل، في عامي 2005 و2006، وقّعت واشنطن مع كل من حكومتي بوخارست وصوفيا اتفاقين أمنيين يسمحان للأميركيين بالتمتّع بحقّ استخدام القواعد الرومانية والبلغارية في التدريب والتموين والطلعات الجويّة.
وإذا أنجزت واشنطن معاهدتها مع بغداد، بشكل يسمح لها بالاحتفاظ بقواعد عسكريّة، تكون قادرة على الاستغناء عن الجميل التركي في أيّ لحظة، بما أنّ القواعد الرومانية والبلغارية والعراقية ستغطّي كامل المناطق التي للأميركيين مصالح حربية أو اقتصاديّة أو استراتيجية فيها، من الشرق الأوسط وإيران وأفغانستان إلى دول وسط وجنوب آسيا.
وبحسب دبلوماسيّين غربيّين يعملون في أنقرة، فإنّ «قوّات التحالف» في العراق، وفي مقدّمتها الولايات المتحدة، ترى أنّ تركيا قد تمنع في أيّ وقت، ومن طرف واحد، أيّ استخدام لـ«إنجرليك»، وخصوصاً «إن أقدم الكونغرس أو الإدارة الأميركية المقبلة على تحريك ملفّ الإبادة الأرمنيّة».
وفي السياق، يشير الدبلوماسيون إلى أنّ أنقرة تتابع جدياً المفاوضات الأميركية ــ العراقية، وتسعى إلى تعزيز تعاونها مع بغداد، لكي تحفظ لنفسها «كلمة أمنيّة» في ما (سـ)يحصل في بلاد الرافدين، وهو موضوع كان رئيسياً على جدول أعمال رجب طيب أردوغان في زيارته الأخيرة إلى بغداد.