هافانا ــ عمر نشابةوصل خبر نجاح المقاومة في عملية تحرير الأسرى اللبنانيين من السجون الإسرائيلية إلى كوبا، حيث يوجد ما يطلق عليه اسم «إسرائيل الكوبية» في خليج غوانتانامو المحتلّ. السجن الأميركي الشهير في أرض كوبا يشبه إلى حدّ بعيد السجون العبرية الكبيرة في أرض فلسطين.
وفي القرى الصغيرة في جبال «بينار ديل ريو» وأزقّة العاصمة هافانا وأحياء ترينيداد وشواطئ سانتياغو دي كوبا، رُفعت صور الأسرى الكوبيين الخمسة: أنطونيو غريرو، فرناندو غونزاليس، رينيه زفرنت، جيراردو هيرماندز ورامون سالازار، الذين اعتقلتهم الإدارة الأميركية خلافاً لحقوق الإنسان وحكمتهم بالسجن مدى الحياة بحجة التجسس والضلوع بجرائم من دون إطلاع وكلائهم القانونيين على الأدلة بحسب معايير المحاكمة العادلة.
لا شكّ أنّ بريق أمل سيلمع في عيونهم، في ظلام السجن، عندما يعلمون أنّ رفاقهم سمير وماهر وخضر وحسين ومحمد أحرار بفضل إصرار اللبنانيين على التمسك بنهج المقاومة الصادقة التي وعدت ولبّت الوعد.
فلا يمكن أن ينكر أحد بعد الآن أن شعوب الدول الصغيرة تقوى على ظلم العملاق الأميركي الداعم لإسرائيل وحلفائها وأشباهها. قد تكون كوبا جزيرة أصغر حجماً وعديداً من ولاية تكساس الأميركية أو حتى من ولاية فلوريدا أو كاليفورنيا، لكنها صمدت، لا بل تحدّت الحصار الأميركي المستمرّ. ولعلّ أصعب وأثمن سنين صمودها بدأت منذ زوال الاتحاد السوفياتي قبل عشرين عاماً.
يرفع راوول كاسترو يده اليمنى خلال اجتماع اللجنة المركزية ويعجز عن إخفاء ارتجافها، ربما بسبب الشيخوخة أو لأسباب أخرى لا يجهلها أحد تماماً. غير أن الكوماندانتي أميغو (القائد الصديق) العنيد فيديل يمسك بيد شقيقه اليسرى، رغم المرض ومشقة خمسين عاماً من النضال في وجه إمبراطورية الحديد والتكنولوجيا وأيديولوجية «السوبر مول» الاستهلاكية.
صحيح أن التعب الذي أصاب فيديل أصاب شعبه، لكن يخطئ من يظن أن الكوبيين يتساهلون مع المحاولات المستمرة للمسّ بكرامتهم. فرغم الفقر والتعب من نظام تطلّب منهم أكثر من طاقتهم بأضعاف، لم يتنازلوا عن موقفهم السياسي والعقائدي، وخصوصاً في ما يتعلق بالسياسة الأميركية وامتداداتها وهم يتطلعّون بشغف إلى القائد الثوري الفنزويلي هوغو تشافيز للامتثال به خلال الحقبة الزمنية المقبلة، ويأخذون العبر من المقاومة في لبنان. وكما وعدت قيادة المقاومة بعودة الأسرى من سجون الاحتلال، كذلك فعلت القيادة الكوبية.
خمسة أحرار يعطون خمسة سجناء على بعد آلاف الأميال الأمل بالحرية، وأياد تلوّح لسمير ورفاقه من خلف القضبان الحديدية. فهو يعرف معنى الصبر والثبات.