أمضى باراك أوباما يوم أمس متنقلاً بين القدس المحتلة والضفة الغربية، في زيارات جدّد خلالها العهد للدولة العبرية «المعجزة» وصلى لأجل أمنها وسلامها وطمأنها باستخدام لهجة قاسية ضدّ سوريا وإيران، مجدّداً التأكيد أنّ «القدس عاصمتها»في بداية زيارته إلى إسرائيل، لم يجهد المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية، باراك أوباما، لإخفاء هيامه بالدولة العبرية. وقال لدى لقائه الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز: «منذ إنشاء إسرائيل كنتم مشاركين بعمق في هذه المعجزة ونحن ممتنون جداً، لا كأميركيين فقط، بل كمواطنين في هذا العالم للخدمة التي أديتموها لبلادكم».
ثم أصدر بياناً بعد اللقاء حاول من خلاله طمأنة مخاوف الإسرائيليين، وقال: «أنا هنا في هذه الجولة، كي أؤكّد العلاقات المميزة بيننا، والتزامي أمن إسرائيل، وأملي أن أستطيع تقديم خدماتي، سواء كسيناتور أميركي أو كرئيس للبلاد».
وبعدما زار نصب «ياد فاشيم» لضحايا المحرقة في القدس المحتلة، مرتدياً بزّة قاتمة ومعتمراً قلنسوة بيضاء، كتب على سجل الزائرين «في وقت الخطر والعذاب، الحروب والنزاعات، نحن مباركون بأن يكون لدينا ذكرى قوية لقدرة الإنسان على ارتكاب الشرّ العظيم، ولكن أيضاً مباركون لقدرتنا على النهوض من المأساة». وعند النصب، مرّ السياح الأميركيون بالقرب منه، وقالوا له: «تذكّر ما رأيت هنا»، فأجابهم: «نعم، أفهم». ووعد بأن يجلب ابنتيه لزيارة النصب في زيارته المقبلة للدولة العبرية.
وقبيل لقائه بيريز، التقى أوباما وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، وزعيم حزب «الليكود» والمعارضة البرلمانية بنيامين نتنياهو. وبعد أداء «الصلاة من أجل إسرائيل» وقسم يمين الولاء، انتقل أوباما إلى رام الله في الضفة الغربية، حيث أراد أن يبدو مميزاً عن منافسه الجمهوري، جون ماكاين، الذي قدم لزيارة إسرائيل آذار الماضي من دون أن يعرّج على الضفة. والتقى أوباما الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض.
وقال المتحدث الرئاسي نبيل أبو ردينة إنّ عباس وضع أوباما في صورة الوضع الداخلي الفلسطيني، وسير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي. وأشار إلى أنّ عباس أكّد له التزامه بعملية السلام، وشدّد على ضرورة وقف الاستيطان والاجتياحات حتى تنجح عملية السلام.
أما أوباما، فقد أكّد له أنّه إذا أصبح رئيساً فلن يضيع الوقت، وسيعمل بجدّ من أجل عملية السلام، حسبما نقل أبو ردينة الذي أشار إلى أنّ المرشح الديموقراطي جاء ليستمع إلى وجهات النظر، ويقوم بعملية استطلاع وجمع معلومات فقط.
هذه الزيارة لم تكن موضع ترحيب عند الفصائل الفلسطينية، ولا سيما حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، اللتين قللتا من أهميتها وأشارتا إلى أنّها تأتي في سياق الحملة الانتخابية. وقال المتحدث باسم «حماس»، سامي أبو زهري: «زيارة أوباما إلى فلسطين متعلقة بظروف انتخابه»، مشيراً إلى أن الشعب الفلسطيني غير مهتم بهذه الزيارة. وأضاف: «لا يعول الشعب الفلسطيني على أي تغير في السياسية الأميركية على الأقل في ظل تصريحات أوباما التي أعلن من خلالها دعمه المطلق للاحتلال لإسرائيل».
ووافقه الرأي القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، نافذ عزام، الذي قال إنه لا تفاؤل بزيارة أوباما، وقال: «نحن لا نرحب بها»، مشيراً إلى أنّ أوباما أعلن مواقف منحازة لإسرائيل طوال الوقت.
بعد الضفة، عاد أوباما أدراجه إلى القدس المحتلة، والتقى وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، ثم زار سديروت التي أعلن فيها أن «إيران تمتلك سلاحاً نووياً يمثّل تهديداً كبيراً، وعلى العالم أن يمنعها من اقتناء السلاح النووي».
كما جدد التأكيد أنّ «القدس ستكون عاصمة لإسرائيل»، قائلاً: «لم أغير موقفي وما زلت أقول إن القدس ستكون عاصمة إسرائيل، قلت سابقاً، وها أنا أكرّره»، مضيفاً: «لكنني قلت أيضاً إنّها مسألة مرتبطة بالوضع النهائي للأراضي الفلسطينية». كما أعلن تأييده لرفض الدولة العبرية التفاوض المباشر مع حركة «حماس». وقال: «من الصعب بالنسبة إلى اسرائيل التفاوض مع مجموعة لا تعترف بحقها في الوجود»، قبل أن يختتم جولته الماراتونية بزيارة لرئيس الحكومة الإسرائيلي إيهود أولمرت.
وهيام أوباما بإسرائيل بدأ ما أن وطئت قدماه القدس المحتلة، عندما أيّد في مقابلة مع «سي بي أس» الغارة الإسرائيلية العام الماضي على موقع نووي مفترض في سوريا، وقال: «ثمة ما يكفي من الأدلة على أن سوريا كانت في صدد بناء مفاعل نووي»، وتابع: «الإسرائيليون يعيشون في بيئة معادية جداً».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)