رغم كل ما يُحكى عن تسويات ممكنة بين طهران والغرب في المدى المنظور بشأن البرنامج النووي الإيراني، تبدو الجمهورية الإسلامية مطمئنة إلى مستقبلها النووي، غير آبهة بمطالبات الدول الكبرى بوقف تخصيب اليورانيوم، من خلال الاستمرار في توسيع أنشطتها الحسّاسة
واشنطن ـ محمد سعيد
حذّر الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجي «الموساد»، إفرايم هاليفي، من مغبة شنّ إسرائيل هجوماً على إيران، موضحاً أن مثل هذا الهجوم ممكن أن يضرّ بإسرائيل على مدى مئة عام. وتزامن هذا التصريح مع إعلان طهران توسيع أنشطتها النووية الحسّاسة.
وقال هاليفي، في مقابلة مع مجلة «التايم» الأميركية نشرتها على موقعها الإلكتروني أول من أمس، إن هجوماً يهدف إلى تدمير برنامج طهران النووي «سيكون له تأثير سلبي على الرأي العام في العالم العربي. ويتعيّن على إسرائيل مهاجمة إيران فقط عندما يكون هذا الأمر الخيار الأخير»، مشيراً إلى أن أي هجوم إسرائيلي على الجمهورية الإسلامية يمكن أن يخلف آثاراً سلبية على إسرائيل على مدى مئة عام مقبلة.
ونقلت صحيفة «التايم»، في سياق مقابلات أجرتها مع عدد من المسؤولين في الاستخبارات الإسرائيلية بشأن المسألة الإيرانية، عن الرئيس السابق «للموساد» سعيه إلى التقليل من شأن التهديد الإيراني. وقال: «إن من المرجّح بشدة أن هجوماً إيرانياً على إسرائيل لن يكون مجدياً إلى حد كبير، لأن صواريخ إيران ستُعترَض على نطاق واسع من جانب نظام الدفاع المضاد للصواريخ الإسرائيلي المتطور».
وأعرب هاليفي، الذي يرأس حالياً مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية في الجامعة العبرية، عن شكوكه في ما إذا كان حزب الله أو سوريا سيرغبان في المخاطرة بمواجهة ضخمة مع إسرائيل رداً على هجوم على إيران، مستبعداً أن تهاجم إسرائيل طهران قبل إجراء انتخابات الرئاسة الأميركية في تشرين الثاني المقبل حتى لا تقوّض من فرص المرشّح الجمهوري جون ماكين .
وفي السياق، قللت إسرائيل من أهمية إعلان طهران امتلاكها ما بين خمسة إلى ستة آلاف جهاز طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم، ورجّحت أن يكون العدد الذي أعلنه الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، يهدف إلى تسويق نفسه مدافعاً عن المصالح الإيرانية تمهيداً للسباق الرئاسي الإيراني في العام المقبل.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» أمس عن مسؤول إسرائيلي معني بمتابعة الملف النووي الإيراني قوله إن «الرئيس الإيراني يسعى من خلال إعلانه هذا إلى تحقيق هدفين، إذ إنه يريد الضغط على الفنيين لزيادة وتيرة العمل لديهم من أجل إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي، ويسعى أيضاً إلى تصوير نفسه بأنه المدافع عن المصالح القومية لإيران، في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرّر إجراؤها في العام المقبل».
ويضيف المسؤول الإسرائيلي أن «نجاد أخفق في الوفاء بوعوده لتحسين الأوضاع الاقتصادية وخلق فرص عمل (للإيرانيين)، وبالتالي فإن المسألة النووية هي الأمل الوحيد الباقي لديه كي يوفر دعم الجمهور الإيراني في السياق الداخلي».
وقلل المسؤول الإسرائيلي من أهمية تصريحات الرئيس الإيراني في المسألة النووية الإيرانية، مشدداً على أن «نجاد لن يقبل حلولاً وسطية، لكن (المرشد الأعلى لإيران آية الله) علي خامنئي، وهو من يقرر سياسة إيران النووية، قد يقدم هو أو أي مرشح آخر للرئاسة الإيرانية، على القبول بحل وسط تجاه سلة الحوافز الغربية، مقابل وقف تخصيب اليورانيوم».
وكان نجاد قد أعلن أن بلاده لديها أكثر من خمسة آلاف جهاز للطرد المركزي تعمل لتخصيب اليورانيوم. وقال، خلال زيارة لمدينة مشهد (شمال شرق)، إن «إيران لا تتفاوض مع أحد بشأن أي حق نووي.. قرّرت الحكومة إنهاء عصر هيمنة الغربيين إلى الأبد».
ونقل الراديو الحكومي عنه قوله: «اليوم، وافق (الغربيون) على ألاّ تتم زيادة أجهزة الطرد المركزي على الخمسة إلى الستة آلاف الموجودة، وعلى أنه لا مشكلة في تشغيل أجهزة الطرد هذه».
من جهته، اقترح رئيس مجلس الشورى الإسلامي «البرلمان» علي لاريجاني، على النواب في جلسة تشريعية أمس، أن تتوصل بلاده ودول مجموعة «5+1» إلى صيغة جديدة غير الصيغتين التي طرحها كل من الطرفين لمواصلة المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني.
إلى ذلك، قتلت جماعة جند الله المتمردة في إقليم سيستان بلوشستان (جنوب شرق) شرطيين إيرانيين اثنين من بين 16 عنصراً كانت قد خطفتهم الشهر الماضي.