غطّى الحدث الأمني الأعنف الذي تعرفه تركيا منذ 5 سنوات، والذي تمثّل بانفجار عبوتين في إسطنبول، على بدء المحكمة الدستورية مناقشة قرارها بشأن حظر حزب «العدالة والتنمية»مصير تركيا سياسياً محصور بيد 7 قضاة من المحكمة الدستورية. فهم وحدهم يمكنهم إدخال البلاد في نفق سياسي إذا ما قرّروا حظر الحزب الحاكم في غضون أيام. أما مصيرها أمنياً، فيبقى محصوراً بيد مجموعات تستفيد من الوضع السياسي غير المستقرّ، لتضرب للمرة الثانية في الشهر الجاري، قلب العاصمة الاقتصادية إسطنبول، موقعة 17 قتيلاً و150 جريحاً.
أكثر ما يلفت أنّ حزب العمّال الكردستاني، الذي سارعت أنقرة على عادتها إلى اتهامه بالوقوف خلف الانفجارين اللذين ضربا أحد أكثر الأسواق الشعبية والتجارية ازدحاماً، نفى أن تكون له أي صلة بالحادث. وجاء في بيان أصدرته القيادة العامة للجناح العسكري للحزب أن «لا صلة لمقاتلينا بتفجيري إسطنبول ليلة البارحة» (أول من أمس).
وأخذاً بالاعتبار أنّ الحزب الكردي غالباً ما يعترف ويفتخر بتنفيذه عمليات داخل الأراضي التركية، فإنّ هذا النفي يطرح علامات استفهام جدّية بشأن هويّة منفّذ العمليتين. ونوع التفجيرين جديد في مسلسل الهجمات التي تضرب البلاد منذ سنوات، وكان آخرها هجوم بالأسلحة الرشّاشة نفّذه 4 أشخاص في 9 من الشهر الجاري على القنصلية الأميركية في المدينة نفسها.
ورغم أنّ في رصيد «الكردستاني» عمليات تفجير عبوات ناسفة استهدفت مدنيين، إلا أنّ أسلوب التفجيرين المتتاليين الذي يهدف إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا، غير مسبوق في عمل الحزب، لا بل يشير مراقبون إلى أنه أقرب إلى طريقة عمل التنظيمات التي تدور في فلك «القاعدة» المعروف أنه ناشط جداً في تركيا.
التفجيران الليليان أجبرا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على إلغاء حالة الطوارئ السياسية الذي تعيشها حكومته وحزبه، المهدّدان بالحظر والمنع من مزاولة العمل السياسي.
وبعد تأجيله جلسة حكومته، التي كانت مخصصة لمناقشة احتمالات حظر حزبه وفق الآلية التي بدأت أمس في المحكمة الدستورية، زار أردوغان ساحة التفجير ودعا من هناك إلى «عدم تسييس الاعتداء الإرهابي» في اللعبة السياسية الداخلية.
لعبة باتت محصورة بين أيدي 7 قضاة سيقررون في غضون 3 إلى 10 أيام، حسبما كشف رئيسهم حازم كيليش، ما إذا كانوا سيدخلون بلادهم في حالة فوضى سياسية عارمة، أم أنهم سوف يريحون الأنفاس المحبوسة سياسياً وأمنياً.
(الأخبار)