مسيرة احتفاظ بالسلطة يدأب عليها رئيس الوزراء الكمبودي، هون سن، منذ عام 1985، خولته الحصول على لقب أقدم حكّام جنوب شرق آسيا«ليس لدي رغبة إذا ما أصبحت رئيساً للوزراء، أن أتخلى عن منصبي قبل أن أبلغ الـ90»، هذا ما قاله هون سن عندما كان في الثالثة والثلاثين من عمره. قول أثبتت صحته تجربته في الحكم، التي امتدت 23 عاماً، لتكرسه نتائج الانتخابات التشريعية الكمبودية أول من أمس الزعيم الأطول حكماً في جنوب شرق آسيا.
هون سن لاعب الشطرنج الحذق، أصبح رئيساً للوزراء للمرة الرابعة على التوالي، في سباق بدا كأنه يقتصر على حصان واحد لغياب الأحزاب المعارضة ذات الثقل الكبير. سباق قام سن بازدراء فرص منافسيه فيه، إذ طالب المعارضة في الأسابيع الماضية، بالبقاء في المنزل خلال نهار الانتخابات. كما وصل الأمر به إلى حد تسمية حكومته المقبلة قبل صدور النتائج، مقارناً أسلوبه في الإدارة بأسلوب المدير الفني لفريق «مانشستر يونايتد»، ألكس فيرغيسون.
ولد هون سن عام 1952 في عائلة زراعية. وتلقى تعليمه على يد رهبان بوذيين في العاصمة بنوم بنه. التحق بحزب الشعب الكمبودي، الذي استأثر في حكم المملكة منذ طردت القوات الفيتنامية الخمير الحمر عام 1979، بعدما كان قد انضم إلى صفوف الخمير الحمر، وخسر إحدى عينيه في المعارك، إلا أنه ما لبث أن هرب إلى فيتنام، التي نصبته بعد دخولها إلى كمبوديا وزيراً للخارجية، إلى أن وصل إلى رئاسة الوزراء عام 1985.
ومن شدة ولعه بالسلطة، أبى مغادرتها في عام 1993، على خلفية فوز حزب «فنسينبك»، بزعامة الأمير نورودوم راناديدح، في أول انتخابات حرة تنظم برعاية الأمم المتحدة، ليعود ويقبل بتقاسم السلطة مع الموالين للنظام الملكي. تقاسم تألفت على أثره حكومة ائتلافية، أصبح فيها راناديدح رئيساً أول للوزراء، وهن سن رئيساً ثانياً. وما أن أتيحت له الفرصة، حتى انقلب على الأمير في عام 1997، وأجبره على مغادرة البلاد، ليصبح رئيساً للوزراء في عام 1998، من دون أن يطيح النظام الملكي.
يتهمه خصومه بأنه «دمية في يد هانوي». كما يصفه البعض بالديكتاتور الفاسد، إذ يوصف الفساد داخل نظامه بأنه «عميق». ورغم أن المملكة تشهد تنمية اقتصادية فاق معدل نموها 10 في المئة، إلا أن هذه الطفرة الاقتصادية لم تمتد إلى المناطق الريفية، ولا سيما أن رئيس الوزراء باع نصف مساحة كمبوديا للمستثمرين الأجانب بين عامي 2007 و2008، وطرد آلاف الناس بالقوة من منازلهم من دون تعويضات.
(الأخبار)