يمكن العرب والمسلمين وشعوب العالم الثالث عموماًَ أن يطمئنّوا: لن يبقوا وحدهم فريسة التجسّس الأميركي والاستجوابات والتدقيق في المطارات العالمية وفي حياتهم الشخصيّة. فالأوروبيون معرّضون جدّياً لأن يفقدوا حميمية حياتهم الشخصية بموجب اتفاق يجري التفاوض بشأنه بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن بحماسة فرنسيّة، تنوي الاستفادة من ترؤسها للاتحاد الأوروبي لتسريع توقيعه. اتفاق يسمح بأن تصبح المعلومات المتعلّقة بالحسابات المصرفية للمواطنين الأوروبيين وتفاصيل حياتهم الخاصة والمواقع الإلكترونية التي يتصفّحونها حتّى، «ملكيّة عامّة»، بمتناول السلطات الأميركيّة من ضمن حملتها العالمية على الإرهاب.فقد كشفت صحيفة «غارديان» البريطانية، أول من أمس، عن أنّ الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يتفاوضان لتوقيع اتفاق قبل انتهاء ولاية جورج بوش، يتيح للسلطات الأميركيّة الاستحواذ على معلومات شخصيّة واسعة تخصّ المواطنين الأوروبيين، وذلك من ضمن «الحرب الأميركية على الإرهاب».
وبحسب الصحيفة، فإنّ فرنسا التي تتسلّم ابتداءً من اليوم لستّة أشهر مقبلة رئاسة الاتحاد، «متحمّسة جدّاً» للمشروع، وهي تقوم بمهمّة الترويج له في أوساط الاتحاد. وتسعى باريس ليكون الاتفاق لمدّة 18 شهراً في مرحلة أولى، وهو يسمح بإزالة العوائق من أمام تبادل المعلومات الأكثر شخصيّة، المتعلّقة بمواطني الاتحاد مع السلطات الأميركية. وسيسمح الاتفاق، الذي سيكون على شكل «إطار معاهدة»، للأميركيين بأن يطّلعوا على بطاقات اعتماد المواطنين الأوروبيين، كما على تفاصيل حساباتهم المصرفيّة وسجلّ أسفارهم، وحتّى على المواقع الإلكترونيّة التي يتصفّحونها، رغم أنّ مسؤولاً أوروبياً رفيعاً في بروكسل نفى أن يكون الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه ينصّ على التجسّس على المواقع الإلكترونيّة.
وقال مسؤول أوروبي آخر للصحيفة اليسارية البريطانية إنّ «الجميع متحمّسون للاتفاق وللفائدة التي سيحقّقها، والفرنسيون خصوصاً متحمّسون جداً». وتابع أنّ جميع المعلومات الشخصيّة للمواطنين «مسجّلة على أجهزة كمبيوتر ويمكن أن تستفيد منها الوكالات القانونية التنفيذية. وإذا أبرمنا الاتفاق مع الأميركيين، سيجري الانتقال من هذا التعاون القانوني إلى التزام قانوني دولي».
ورغم أنّ الإدارة في واشنطن تستعجل توقيع الاتفاق قبل انتهاء ولاية بوش، فإنّ اللجنة التي تتولّى المفاوضات من الطرف الأوروبي تستبعد إمكان التوقيع قريباً، مما سيؤثّر على الحيويّة التي ستتعامل بها الإدارة المقبلة مع الموضوع.
والمحاولات الأميركية لفرض شروطها على الأوروبيين من ضمن ما تسمّيه «الحملة العالمية على الإرهاب» قديمة، بدأت منذ اشترطت أن يكون على متن الطائرات المتجهة من أوروبا إلى الأراضي الأميركية أشخاص مسلّحون أميركيون. كما فرضت على المواطنين الأوروبيين نظاماً لنيل الموافقة المسبقة إلكترونياً للسفر إلى الولايات المتحدة قبل حجز تذاكر السفر. كما أنّه منذ العام الماضي، بات على الأوروبيين الراغبين في زيارة الولايات الأميركية الإجابة عن 19 سؤالاً تتعلّق بمعلومات شخصيّة. ولكي تتعاون الدول الأوروبية مع هذه الشروط، قالت الـ«غارديان» إنّ واشنطن تعتمد نظام التأشيرة المجّانية للمواطنين الأوروبيين.
(الأخبار)