حسام كنفانيبات من الواضح أن إبرام اتفاق التهدئة في قطاع غزة بين «حماس» وإسرائيل، خلق حالاً من التوتر الداخلي بين الحركة الإسلاميّة وسائر فصائل المقاومة الناشطة في القطاع. توتّر استدعى تأليف «خليّة أزمة» لمعالجة ما اعترى العلاقات الفلسطينية ــــ الفلسطينية في القطاع بعد التهدئة. وبغض النظر عن صواريخ «كتائب الأقصى»، التابعة لحركة «فتح»، وما تلاها من تراشق إعلامي وسياسي، فإن التوتر تجاوز «فتح» إلى «الجهاد الإسلامي» والجبهتين الشعبيّة والديموقراطية، ولا سيما أن الأطراف الثلاثة وافقت على مضض على التهدئة، التي كانت لـ«حماس» كلمة الفصل فيها.
«خلية الأزمة»، التي أعلنت الحكومة المقالة برئاسة إسماعيل هنية عن تأليفها بعضوية ممثلين عن «حماس» و«الجهاد» والجبهتين، تحوّلت لبحث الخلافات الداخليّة لفصائل المقاومة، بعدما كان من المقرّر أن تخصّص اجتماعاتها «لمتابعة موضوع التهدئة وتداعياتها وآليات الرد على أي خروقات إسرائيلية محتملة»، بحسب بيان حكومة هنيّة.
الاجتماع الأخير للخليّة تجاهل الخروقات الإسرائيلية ليصب على الخروقات الداخلية، التي من شأن استمرارها تهديد الوضع الداخلي في القطاع بتوترات تتجاوز السياسة. وتؤكّد مصادر مطلعة على تفاصيل ما دار في الحوار أن «حماس» هدفت من الاجتماع إلى الحد من المناكفات الإعلامية التي تتعرض لها من «فتح» وغيرها على خلفية موافقتها على التهدئة في غزة فقط. وتشير إلى أن ممثل «حماس» في الاجتماع، أيمن طه، وجه تحذيراً مبطناً إلى المجتمعين، مشدّداً على «ضرورة تجاوز المناكفات الإعلامية والمواقف السياسية من التهدئة والتوافق على آلية لإنجاح التهدئة ووقف الحملات الإعلامية حتى لا نضطر للرد عليها».
ورغم أن طه لم يوجّه تحذيره إلى فصيل معيّن، إلا أن التراشق الإعلامي في الأيام الماضية بين قياديي «حماس» و«الجهاد» أوحى بأن الأخيرة هي المستهدفة، ما استدعى تدخّلاً من ممثل «الجهاد» في الاجتماع داوود شهاب. وتشير المصادر إلى أن شهاب شنّ حملة انتقادات ضد ما عدّه «سياسة ضد الجهاد» من القيادات «الحمساوية». وأشار خصوصاً إلى تصريحات للقيادي في «حماس» محمود الزهار ورئيس مكتب الإعلام الحكومي حسن أبو حشيش. ورأى أن مثل هذه التصريحات «تستفز قواعدنا»، مشدّداً على ضرورة «تجاوز هذه اللغة الإعلامية».
وكان الزهار انتقد إطلاق الصواريخ من «الجهاد»، وقال إن «الجهاد ستخسر الشارع إذا استمرت في إطلاق الصواريخ انطلاقاً من غزة». أما أبو حشيش فرأى أن مجموعات «الجهاد» التي أطلقت الصواريخ «بعيدة كل البعد عن قيادتها السياسية الموجودة في غزة».
السجال بين «حماس» و«الجهاد» احتل الحيّز الأساس في مناقشات «خليّة الأزمة»، التي أوصت برصد الخروقات الإسرائيلية، سواء العسكرية أو التجارية، وتوحيد الخطاب الإعلامي، وتحديد موقف جماعي للرد على أي خروقات أو تجاوزات، فيما كان ممثّل الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، أبو ماهر، طالب بتأليف «لجان تنسيقية ميدانية في كل المحافظات، ووضع صيغة اتصال مع بعض الأطراف التي هي خارج خلية الأزمة، مع ضرورة التواصل مع كتائب شهداء الأقصى».