بول الأشقرأدانت دول أميركا الجنوبية، في وثيقة رسمية، قانون الهجرة الذي أقرّه البرلمان الأوروبي قبل أسبوعين، ووصفته بأنه «كسينوفوبي»، أي يشرّع كره الأجانب و«مناقض لحقوق الإنسان». ودلّ الإعلان المشترك الذي صدر عن عشر دول في القارة اللاتينية، التقت بمناسبة قمة «مركوسور»، على حساسية الموضوع في قارة يقدَّر مهاجروها بظروف غير شرعية في أوروبا، بثمانية ملايين. وأجمع الرؤساء المجتمعون وممثلوهم على الطلب من الاتحاد الأوروبي، بإعادة التفكير مليّاً بهذا القانون «الظالم»، كما رفضوا «تجريم» صورة المهاجرين، متعهّدين بالعمل معاً لإلغاء القانون من دون تحديد التدابير التي ينوون اعتمادها في الوقت الحالي.
وعبّر الزعماء عن «صدمتهم» لـ«نكران أوروبا الجميل» إزاء قارة لم تبخل يوماً في استقبال الأوروبيين وتسهيل اندماجهم، وطالبوا بـ«بدل تاريخي»، على حدّ تعبير رئيسي الأوروغواي تاباري فاسكيز والتشيلية ميشال باشليه، اللذين ذكّرا بأنّهما «أحفاد أوروبيّين».
ولم تنج أوروبا من الانتقادات في الموضوع الآخر الذي شغل القمة اللاتينية، والذي خصص لمناقشة أزمة الطاقة وارتفاع أسعار المواد الغذائيّة. فقد أجمع الرؤساء على اعتبار أنّ المضاربات المالية وسياسات الدعم المعتمدة في الزراعة الأوروبية والأميركية، تشكّل العوائق الحقيقية لزيادة العرض الزراعي، رافعين المسؤولية عن زيادة الطلب وعن الدول المنتجة للطاقة وللمنتجات الزراعية.
في هذا الوقت، أشارت الرئيسة الأرجنتينة كريستينا كيرشنير إلى أنّ «المضاربة الماليّة كانت بالأمس تؤثّر على الماكرو اقتصاد فيما صارت اليوم تلحق الضرر بأناس من لحم ودم، بعدما انتقلت المضاربة من الأسواق المالية إلى أسواق المواد الغذائية».
وجرت هذه المناقشات في إطار القمة الخامسة والثلاثين لمجموعة «مركوسور» التي عُقدت في مدينة سان ميغيل دي توكومان الأرجنتينية.
وقد شارك في القمة، رؤساء أعضاء مركوسور الأربعة، أي البرازيل والأرجنتين والأوروغواي والباراغواي (التي انسحب رئيسها نيكادور دوارتي فروتوس في اليوم التالي لإلقاء آخر خطاب له أمام كونغرس بلاده قبل انتهاء ولايته بعد شهر)، بالإضافة إلى فنزويلا التي ما زالت تنتظر موعد انتسابها النهائي. في المقابل، تغيّب الرئيس الأرجنتيني السابق نستور كيرشنير مبرراً عدم مثوله بـ«غياب السيدات الأولى عن اللقاء»!
ومن بين شركاء الـ«مركوسور»، حضر فقط رئيسا التشيلي وبوليفيا، فيما مثل وزراء خارجية رؤساء البيرو والإيكوادور وكولومبيا التي تستقبل المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية جون ماكاين.
وسمح غياب رئيسي كولومبيا ألفارو أوريبي والإكوادور رفاييل كوريا بتحاشي تدهور العلاقات بينهما، كما أنّ غياب رئيس البيرو آلان غراسيا قلّص أصداء الخلاف المستجد بينه وبين رئيس بوليفيا إيفو موراليس، بعدما حذّر هذا الأخير من احتمال إنشاء قاعدة عسكرية في البيرو، وهو ما وجده غارسيا «تدخلاً في شؤون البيرو الداخلية».
وبين الاستنكار والحذر، أُثير موضوع إعادة تشغيل الأسطول الأميركي الرابع في أميركا اللاتينية، الذي كان العمل به مجمَّداً منذ نصف قرن. واستغلت الرئيسة باشليه المناسبة لعقد اجتماع طارئ ومغلَق لمجموعة «أوناسور» التي تترأسها حالياً، والتي تضم جميع دول أميركا الجنوبية.
أما إيفو موراليس، فقد حصل على وعد من «مركوسور» بإرسال مراقبين للإشراف على الاستفتاء الذي ينظّمه في العاشر من آب المقبل. ووجد موراليس متّسعاً من الوقت للمشاركة في مباراة كرة قدم في منطقة قريبة من الحدود الأرجنتينية ــ البوليفية.
إلى ذلك، كانت القمة مناسبة لترتيب شؤون «البيت الأميركي الجنوبي الداخلي»، ولإجراء دورة خاصة لبرلمان «مركوسور» ولاجتماعات وزراء خارجية المجموعة ووزراء اقتصادها. وقرّرت دول أميركا الجنوبية فتح الحدود بينها والسماح بالتنقل من دون جوازات سفر.
كما أقرّت دول الاتحاد الأميركي اللاتيني خطّة الاندماج الإنتاجي وصندوقاً للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
هذا وانتقلت رئاسة «مركوسور» من الأرجنتين إلى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا لمدة ستة أشهر، بعدما أعلنت برازيليا وبوينس آيرس التخلي عن التعامل بالدولار في علاقتهما البينية التجارية، ما يراه المراقبون خطوة تمهيدية على طريق إقرار عملة واحدة للبلدين.