ضرب صنعاء بـ«الكاتيوشا» خيار وارد... والموقف الإيراني منّا سلبيمعمر عطوي
هدّد زعيم تيّار الحوثيّين في اليمن، عبد الملك الحوثي، بتوسيع دائرة المعركة مع السلّطة إلى خارج محافظة صعدة الشمالية لتصل إلى العاصمة صنعاء، مشيراً إلى أن الحرب على جماعته «تجري بدعم أجنبي ومالٍ سعودي وتأييد أميركي». ونفى تلقّي جماعته دعماً إيرانيّاً، واصفاً موقف طهران من الحوثيين بأنه «سلبي»

كيف تصف تيار الحوثيين. هل هو حزب سياسي له جناح مسلّح؟ وما هي أهدافكم؟

ــــ التيار الحوثي هو عبارة عن مجاميع شعبية تتحرَّك سلمياً لمعارضة الهجمة الأميركيّة ــــ الإسرائيليّة على العالم الإسلامي عبر شعارها الشهير «الله أكبر... الموت لأميركا... الموت لإسرائيل... اللعنة على اليهود... النصر للإسلام»، والدعوة إلى مقاطعة البضائع الأميركية ــــ الإسرائيلية، ونشر الثقافة القرآنية في مواجهة الغزو الفكري. وهو ليس حزباً سياسياً. أما بخصوص السلاح، فالشعب اليمني كله مسلّح، وهذا شيء معروف في اليمن.

ما هي حدود نفوذكم في محافظة صعدة؟ وماذا عن تفاعل الناس معكم هناك؟

ــــ لنا امتداد شعبي واسع في محافظة صعدة، وحجم الحوادث وانتشارها على نحو واسع يشهد على ذلك. تفاعل الناس معنا كبير، كما أن الجميع يضيقون ذرعاً بالممارسات الظالمة من جانب السلطة، التي يعاني منها الجميع.

ما هي صحة التصريحات الرسمية اليمنية عن سيطرة القوات الحكومية على جيب كنتم تعسكرون فيه في ضاحية صنعاء (بني حشيش)، وما الذي يدفعكم إلى التحرك عسكرياً بالقرب من العاصمة؟

ــــ لا يزال للإخوة في بني حشيش وجود قويّ وفاعل، في كلّ من: وادي رجام وغظران وبيت الأغربي وبيت القحم والشراية. وننبّه هنا إلى أننا لسنا جيشاً نظامياً، وقد يتمكّن الجيش اليمني، بعد استخدام عتاده الحربي من طائرات ودبّابات والآلاف من الجنود، أن يتقدم ميدانياً في بعض المناطق، لكنّ ذلك لا يعني نهاية الحرب، ولا يعني انتصاره، ولا يعني سيطرته على الوضع، ولا يعني قدرته على إيقاف عملياتنا، لأنه تبقى لنا فرصة مواصلة حرب العصابات والاستنزاف الطويل. كما أن تقدّمه الميداني في مناطق محدودة وجديدة خارج محافظة صعدة، يأتي بعد أن يتكبّد الخسائر الفادحة.
أما التحرك العسكري في منطقة بني حشيش، فكان دفاعاً وموقفاً اضطرارياً بعدما بدأت السلطة بالاعتداء على المحسوبين علينا في المنطقة، ما اضطرهم إلى الدفاع عن أنفسهم. ويبقى التحرك العسكري بالقرب من العاصمة خياراً وارداً، كما أن ضرب أهداف داخل العاصمة صنعاء بصواريخ الكاتيوشا خيارٌ واردٌ أيضاً.

ما هو ردّكم على دعوة وزير الداخلية اللواء مطهر المصري أخيراً لتسليم أنفسكم إلى أقسام الشرطة ورؤساء السلطات المحلية؟ وما هي خططكم في المدى المنظور؟

ــــ دعوة ما يسمّى وزير الداخلية هي شبيهة بما يكرره الإعلام الرسمي من الإيحاء بأن الوضع الميداني للحرب هو لمصلحة السلطة، وهذا ما لا يتفق مع الواقع والحقيقة. نحن لسنا مذنبين حتى نسلّم أنفسنا إلى أقسام الشرطة أو نعتذر عن دفاعنا عن أنفسنا. أما خططنا في المدى المنظور، فنحن حتى الآن لم نبدأ الحرب الفعلية من جانبنا، وكما أكدنا من قبل، فإن الحرب لن تنحصر في محافظة صعدة، فهذا ما سنثبته ميدانياً بفضل الله في الفترة المقبلة، بعد أن تكون السلطة قد غرقت وزجّت بثقلها العسكري في صعدة. كما أن من الوارد استخدام صواريخ الكاتيوشا في هذه الحرب وبالطريقة المؤثّرة التي تخدم إيقاف الحرب.
أما الوضع الميداني حالياً في محافظة صعدة، فالسلطة تكبّدت خسائر فادحة في معداتها العسكرية التي خسرت منها أكثر من90 آلية، وكذلك الخسائر البشرية الفادحة في الجنود.

هل تفكّرون في القيام بانقلاب للسيطرة على الحكم؟

إن الحرب من جانبنا ليست بهدف الانقلاب للسيطرة على الحكم، بل هي فقط دفاع عن النفس في مواجهة اعتداء بدأت به السلطة التي تتخّذ هي قرار الحرب، وتشن الحرب من دون مبرر، وبدعم أجنبي ومالٍ سعودي وتأييد أميركي.

هل ترون رابطاً بين زيارة رئيس الأركان السعودي، الفريق صالح المحيا، إلى اليمن، الأسبوع الأخير من أيار، والمواجهات الدائرة معكم؟

ــــ نحن نعبّر عن استيائنا من الدعم السعودي للعدوان الذي تقوم به السلطة علينا، ونأمل من الأشقاء في المملكة العربية السعودية أن يصلحوا موقفهم وألا يبذروا أموالهم أو يشاركوا بها في سفك الدم اليمني، وأن يجعلوا أموالهم للإعمار لا للدمار، وللحياة لا للموت، ولمساندة الشعب اليمني الذي هو جارهم، لا لدعم التسلّط عليه.

هل ترتبطون بالفعل بمشروع شيعي ــــ إيراني يهدف إلى تغيير المنطقة؟

ــــ ليس لنا أي ارتباطات سياسية بأي جهات أجنبية، لا إيران ولا غيرها، وهذا واضح، ونتحدَّى السلطة أن تقدّم أي دليل صحيح يثبت أي صلة لنا أو أية ارتباطات سياسية بأي جهات أجنبية. والحديث عن ارتباطات أجنبية بالإيرانيين تكرره السلطة بهدف إثارة المخاوف لدى السعوديين من أجل استجلاب دعم سعودي سخي في مواجهتنا. ونحن نرى الموقف الإيراني تجاهنا سلبياً أكثر مما هو إيجابي. كما أنه من الملحوظ ابتعاد الساسة الإيرانيين عن أسس مهمة للثورة الإسلامية، والتي من أهمها مناصرة المستضعفين في العالم.

لكن هناك أحاديث كثيرة عن تلقّيكم دعماً من إيران؟ ما هي طبيعة العلاقة مع طهران؟

ــــ لا نتلقّى أي دعم من إيران ولا يوجد لنا ارتباطات مع الإيرانيين، بل إنّا نلحظ أن التيارات السياسية في اليمن وبعض الأحزاب تتواصل مع الإيرانيين ولديها علاقات جيدة. كما أننا نعرف حرص الإيرانيين على أن تكون علاقاتهم بالنظام اليمني جيدة. وأنا هنا أدعو الإيرانيين، بدعوة الإسلام ودعوة المظلومين، إلى أن يكونوا حذرين من أي مناصرة لهذا النظام الظالم حتى لا يكونوا شركاء له في ظلمه، كما فعلت بعض الأنظمة العربية.

ما هو مصير اتفاق الدوحة؟ هل يواجه مأزقاً؟ من الذي يتحمل مسؤولية خرقه؟

ــــ نحن ما زلنا متمسّكين باتفاق الدوحة، كما أننا ندعو السلطة للعودة إلى رشدها، وتطبيق التزاماتها في اتفاق الدوحة، ولو أنه من الواضح أن السلطة تعمل على الانقلاب على الاتفاق والالتفاف عليه. وكان هذا واضحاً منذ أن حان وقت التطبيق. السلطة التي ترفض تطبيق بنود واضحة من الاتفاق، تتحمل هي مسؤولية خرقه.

ما صحّة ما يقال عن مطالبتكم بعودة الإمامة الزيدية إلى اليمن؟

ــــ لم يسبق أن كان من جانبنا أي مطالبة بعودة الإمامة الزيدية إلى اليمن، ولا المطالبة بالحكم، وهذه الأمور مجرد دعايات زائفة من جانب السلطة واختلاق ذرائع للعدوان علينا.

هل ما زلتم ترون نظام الرئيس علي عبد الله صالح غير شرعي؟ وما هي مسوّغاتكم الشرعية والقانونية؟ ولماذا لا تلجأون إلى المؤسسات الدستورية من أجل تحقيق طموحاتكم بدلاً من حمل السلاح؟

ــــ إن كان المقصود بالشرعية، الشرعية الدينية، فلا شرعية دينية لأي ظالم، سواء باسم إمام أو رئيس أو ملك أو أمير. وإن كان المقصود الشرعية الديموقراطية، فهذا يعود إلى مدى التطابق بين الأسس الديموقراطية في الحكم والممارسة. أما لماذا لم نلجأ إلى المؤسسات الدستورية بدلاً من حمل السلاح، فنحن لم نحمل السلاح من أجل تحقيق طموحات معينة، نحن ننشط ثقافياً واجتماعياً وسياسياً وبالطرق السلمية، والسلطة هي التي حملت السلاح علينا وعاملتنا بالعنف من دون مبرر.

لماذا تمنع السلطات اليمنية وصول الصحافيين إلى مواقع النزاع معكم، وتعلن محافظة صعدة منطقة عسكرية مغلقة؟

ــــ هي تفعل ذلك لسببين. الأول: التغطية على جرائمها الفظيعة والبشعة بحق المدنيين المسالمين، والأطفال والنساء على وجه الخصوص، حيث تهدم البيوت على الأسر داخلها. وفي جريمة واحدة في منطقة ربوع الحدود، قتل الطيران الحربي أكثر من20 طفلاً وامرأةً.
السبب الثاني: التغطية على هزائمها وإخفاقاتها الميدانية في المواجهة معنا، وكما كنا نقول، إذا كانت السلطة مطمئنة إلى أخلاقياتها في الحرب وإلى سيطرتها على الوضع في الصراع معنا، فلتكن شجاعة ولتسمح للصحافيين بتغطية الحوادث والوصول إلى المحافظة. ونحن نتحداها أن تفعل ذلك وبكل ثقة.

كانت مصادر مقرّبة من الحكومة اليمنية قد أعلنت في أيار الماضي أن عبد الملك الحوثي ربما يكون قد لاقى حتفه أو أصيب في اشتباكات ضارية مع القوات الحكومية في معقله الشمالي بصعدة؟ ما هي أسباب هذا الإعلان؟

ــــ هذا الإعلان السخيف هو في سياق حرب إعلامية ومحاولة لاختلاق إنجازات حقّقوها في الحرب، وأنا أقول لهم من الشرف لي أن ألقى الله في ميادين العزّة وفي مواجهة الظلم والطاغوت. وأنبه هنا إلى أن القضية ليست قضية شخصية. فحتى لو حدث أن استشهدت أنا أو أي من القيادات الميدانية، فإن ذلك لن يؤثّر أيّ تأثير سلبي، بل سيخلفنا في الدور من هو أشد منا صلابة وأحكم تدبيراً، كما أؤكد أن السلطة هي من فقدت الكثير من القيادات الميدانية العسكرية وتكبدّت الخسائر الفادحة، وأن ضجيجها الإعلامي وصراخها الذي لا يتوقف إنما يكشف فداحة الخسائر والقلق الكبير الذي يعانيه القائمون على رأس هذا النظام الظالم.

هل تتقاطعون مع تيارات معارضة أخرى في اليمن؟ وما هي حدود التنسيق؟

ــــ يتفق أكثر اليمنيين على طغيان النظام، وأنه لم يقدم للشعب إلا الجهل والمرض والحروب والدمار، ويجمع أغلب اليمنيين على ضرورة تغيير هذا الواقع. وهذه خطوة مهمة يمكن أن تليها خطوات أخرى في تنسيق المواقف وتكاتف الجهود بما يغيّر الواقع المأساوي والمظلم الذي يعيشه الشعب اليمني المظلوم.

كيف تنظرون إلى حزب الله والمقاومة الفلسطينية؟

ــــ نحن ننظر إلى الإخوة المجاهدين في حزب الله بعين الإكبار والإجلال، ونكنّ لهم كل المودة والتقدير، ونعدّهم شرفاً للأمة الإسلامية وسادةً للمجاهدين في العالم، ونأسف للموقف السلبي من بعض الأنظمة العربية تجاههم.
أما الإخوة المجاهدون في فلسطين، فنظرتنا إليهم لا تقل عن نظرتنا إلى حزب الله، ونحن نعيش معهم آلامهم وأحزانهم التي يسببها لهم العدو الصهيوني وأولياؤه من العرب.


البداية كانت ثقافيةفي البداية، ظلت حركة «الحوثي» لسنوات طويلة حركة ثقافية دعوية بعيدة عن السياسة، إلا أنه بدءاً من عام 2002 بدأت تتجه إلى السياسة وتأخذ خط المعارضة للحكومة والولايات المتحدة وإسرائيل. وكان عام 2004 البداية الحقيقية لتلك التحركات، حين قامت السلطات بشن حرب مفتوحة على الحوثيين، أدّت إلى مقتل حسين الحوثي.