سابورو ــ بسّام الطيارةيقع منتجع بحيرة تويا على بعد ساعتين من مدينة سابورو، عاصمة «أراضي الشمال»، جزيرة هوكايدو، لذا من الصعب جداً أن تصل أصوات المناهضين للعولمة إلى مسامع الزعماء المعزولين في ربوع المنطقة الخضراء. وكذلك هي حال الصحافيين الذين عليهم تغطية القمّة بـ«برودة تقنيات التواصل» عبر مراكز إعلامية عالية الجودة في محطة تزلج تبعد ما يزيد على ٤٠ كيلومتراً عن «حرارة القمة».
شعارات القمة وأهدافها موجودة على لافتات مناهضي العولمة، الذين استطاعوا بعد جهد جهيد الوصول «إلى آخر الدنيا»، حسب تصريح أحدهم، للمشاركة في مسيرة أحاطت بها أعداد من شرطة مكافحة الشغب فاقت أعداد المتظاهرين.
وبحسب تصريحات الزعماء، الذين توافدوا الواحد تلو الآخر إلى اليابان، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية، وفي مقدمتها النفط، إلى جانب سبل مكافحة الاحتباس الحراري، ستكون حاضرة على طاولة المشاورات، رغم أن الخبراء وضعوا منذ أمس اللمسات الأخيرة على القرارات وتركوا بعض «نقاط الجدل» لتتم مناقشتها بين الكبار.
وتسربت بعض رؤوس أقلام عن مفاصل عدم الاتفاق، وخصوصاً في مجال إيجاد قوانين تحارب التغيير المناخي الذي تشكّل السياسة الصناعية للولايات المتحدة أحد أبرز العقبات في طريق التوافق عليها.
وكان الرئيس الأميركي جورج بوش ورئيس الوزراء الياباني ياسو فوكودا قد أعلنا، عقب لقائهما أمس، أنهما اتفقا على التعاون في هذه المسألة. وأوضح فوكودا أنه يمكن التوصل إلى الاتفاق على «فترة طويلة من خفض غازات الاحتباس الحراري وانبعاثات الغاز الملوثة». وقد غمز بوش، خلال المؤتمر الصحافي، من قناة الصين والهند ودعاهما إلى تبني الأهداف نفسها في هذا المجال.
وفي مجال التعاون الثنائي، حدد الزعيمان الملف النووي الكوري الشمالي كأولوية لهما. وأكد بوش أن موضوع المخطوفين اليابانيين «لن يتم تجاهله» في محاولة لاستيعاب الاستياء من سياسة الانفتاح على بيونغ يانغ قبل إنهاء هذا الملف. وأضاف إنه يدرك «مقدار حساسية» هذا الموضوع بالنسبة إلى اليابانيين.
وينتظر أن يولم فوكودا اليوم (الاثنين) لرؤساء الوفود المشاركة قبل أن يبدأ الاجتماع الأول، حيث من المنتظر أن تحتل الأزمة الغذائية حيّزاً منه بناءً على طلب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، حسبما علمت «الأخبار» من أكثر من عضو في الوفد الألماني، الذين أكدوا أن «هذه الأزمة تهدّد جهود إحلال الديموقراطية في العالم ويمكن أن تزعزع استقرار بعض الدول وتتسبب بمشاكل في الأمن الدولي»، وأن برلين تطالب باستراتيجية على المدى الطويل لزيادة الإنتاج الزراعي.
إلا أن القمّة ستحوي، إلى جانب اللقاءات الثنائية بين الزعماء، «قمة ثانية للمنتدى المختار»، كما تسميه الصحافة اليابانيّة، وهي مجموعة الدول الخمس الكبرى اقتصادياً من خارج الثماني، وتضم الصين والهند وجنوب أفريقيا والبرازيل والمكسيك. ولكن بهدف إرضاء لاعبين كبار في الاقتصاد العالمي تمت دعوة أستراليا وكوريا الجنوبية وإندونيسيا والجزائر.
وكان هذا «التوسع بالدعوات» مثار سخرية المتظاهرين في شوارع سابورو، بينما تشدد الأحاديث على «ضعف زعماء الثماني» لغياب شعبية معظم الحاضرين وضعفهم السياسي وفقدانهم رصيدهم السياسي في بلدانهم. إذ إن فوكودا ينتظر انتهاء القمة لتقديم موعد الانتخابات أو للاستقالة في ظل شعبية لا تتجاوز الـ 20 في المئة، كما هي حال ستيفن هاربر الكندي بينما بوش ينهي شهوره الستة الأخيرة في البيت الأبيض، أما الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف فيلقب «بالرئيس ممثل الرئيس بوتين».
أما الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، فهو بأشد الحاجة إلى بعض القرارات التي تذهب في إطار دعم شعبيته داخلياً. إلا أن ساركوزي، الذي يسعى خلال القمة للترويج لـ«النووي المدني» كأداة لمحاربة انبعاث الغازات السامة وارتفاع أسعار النفط، قد يجد نفسه في موقع منافسة من الزعماء الآخرين. إذ تمثّل «الدول المدعوّة» نوعاً من «زبائن المستقبل النووي»، ومن المتوقع أن تكون محط تنافس بين الزعماء المنعزلين على ضفاف بحيرة تويا.