حيفا ــ فراس خطيبكشفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، عن وجود شركة استيطانية إسرائيلية، اتخذت لها اسم «الوطن» بالعربية للتضليل، وتعمل على شراء أراضٍ في محيط مستوطنة «ميغرون» بجانب مدينة رام الله. وتتّبع هذه الشركة أساليب تزييف وتزوير لمستندات، تهدف إلى توسيع المستوطنة بطرق مشبوهة والتفافية، حيث عرضت توكيلات موقّعة من فلسطيني تبيّن أنّه توفي قبل أكثر من 40 عاماً. وكُشف أيضاً عن أنَّ مقيمي الشركةالإسرائيلية «الوطن»، هم من العاملين ضمن جمعيات استيطانية أخرى تهدف إلى تهويد القدس المحتلة ومحيطها، وعن أنَّ هناك علاقة بين المؤسسة الاستيطانية والشركة المذكورة.
وذكرت «هآرتس» أنَّ قسم مكافحة قضايا الغش والخداع في الشرطة الإسرائيلية يدير في الآونة الأخيرة تحقيقاً مع أشخاص ينتمون إلى الشركة. وأبرز أساليب التضليل والتزييف التي اتبعتها الشركة الإسرائيلية، تجلى في إحدى الصفقات للحصول على رخصة بناء في المستوطنة. وذكر التحقيق أنّه في السنوات الممتدة من عام 2002 حتى 2004، توجّهت عائلتان من مستوطنة «ميغرون» في الضفة الغربية إلى الإدارة المدنية، للحصول على رخصة بناء لبيتين ثابتين على قسيمة أرض في المستوطنة، وادعت العائلتان أنّ قسيمة الأرض تم شراؤها بواسطة شركة «الوطن» الإسرائيلية، وأظهرتا المستندات التي تظهر ملكية الأرض. وكان من بين المستندات توكيل موقَّع منذ عام 2004 في ولاية كاليفورنيا الأميركية، باسم شخص عربي يدعى عبد اللطيف حسن سومرين، الذي يُولي الشركة حقّ التصرف بالأرض. وتبيّن من خلال التحقيق أن المستند مزيف، وأن سومرين توفي منذ عام 1961 ولم يوقع شيئاً يذكر.
وفي حديث لـ«هآرتس»، قال الرئيس السابق للمجلس الإقليمي «بنيامين»، أبنحاس فالريشتاين، الذي تقع مستوطنة «ميغرون» في نطاق نفوذه: «بحسب علمي، سجّلت في رام الله شركة باسم مطابق (الوطن)، حيث تم امتلاك الأرض من طريقها، لأنّ القانون الفلسطيني يمنع بيع الأرض لليهود». وتابع: «كي لا نمنع استمرارية عملها، اسمح لي بألّا أفصح لك عن أصحابها في رام الله».
ويذكر في هذا الصدد أن بيع الأرض لليهود محظور في الضفة الغربية، وحكم بيع الأرض لليهود هو الموت. ولذا، يجد المستوطنون صعوبة بالغة للغاية من حيث اقتناء الأرض، ويتبعون في أعقاب هذا أساليب تزييف وتضليل للحؤول دون الكشف عن مخططاتهم التهويدية والاستيطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشرطة حققت مع شخص يدعى يتسحاك مامو، من سكان مستوطنة «عوفرا» (وهو شخصية معروفة في العالم المعقّد والسرّي لصفقات الأراضي في شرقي القدس المحتلة والعمل على تهويدها. وبحوزته على الأقل شركة واحدة مسجّلة لهذا الغرض تنشط لشراء أراضٍ في منطقة بيت لحم، وهو من مقيمي شركة «الوطن» وعمل أيضاً على شراء بعض القسائم).
وسألت الصحيفة الإسرائيلية مامو عن سبب اختيار اسم عربي للشركة، فأجاب مستهزئاً: «لماذا؟ أليست العربية لغة في إسرائيل؟».
وأُقيمت شركة «الوطن» في أيلول عام 2002، وسجّلت في الإدارة المدنية، تحت سلطة المجلس الإقليمي للمستوطنات «بنيامين»، تماماً كما الشركات الإسرائيلية التي تعمل في المجال نفسه. وعملت على عقد صفقات وشراء أراضٍ تقع في مستوطنة «ميغرون» في الضفة الغربية.
ومستوطنة «ميغرون» هي اليوم رمز وشهادة على تعاطي المؤسسة الإسرائيلية مع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية، وكيف تقف أمام توسيع الاستيطان من دون أن تحرّك ساكناً.
وأُقيمت المستوطنة في عام 2002، وتكبر من عام إلى آخر، يسكنها اليوم ما يقارب 40 عائلة. وكانت حركة «السلام الآن» قد قدّمت التماساً للمحكمة الإسرائيلية العليا لإزالتها.
ويمنح الإسرائيليون هذا النوع من المستوطنات النائية اسم «مستوطنات غير قانونية»، مشيرين إلى المستوطنات الكبرى بأنها «قانونية». وحتى هذه المستوطنات غير القانونية لا تُعالَج أو تُخلَى.