حسام كنفانيكان من المرتقب أن تكون زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق مفصليّة في تحديد مسار دعوته إلى الحوار الداخلي، بعدما راج في الفترة الأخيرة احتمال لقائه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، ما كان سيمثّل انطلاقة صفحة فلسطينيّة جديدة. غير أن تجنّب عباس لقاء مشعل لم يكن مفاجئاً بالنظر إلى مسار التطورات التي تلت دعوة أبو مازن، والتي تصب في مجملها في خانة أن الطرفين، إضافة إلى الأطراف الإقليمية، غير راغبين فعليّاً في هذا الحوار، ولا سيما أن أرضيته ليست جاهزة بعد.
حتى إن ما راج عن نيّة القاهرة دعوة 14 فصيلاً فلسطينياً للاجتماع على أراضيها، يمثّل الوصفة المثالية لتسويف الحوار الوطني، وضمان عدم خروجه بمقرّرات إنهاء الانقسام، ولا سيما أن «حماس» تصر على حوار ثنائي مع حركة «فتح» فقط لا غير، وهو ما يرفضه أبو مازن.
تدرك كل من «حماس» و«فتح» جيّداً موقف الطرف الآخر، إلا أن التعويل كان على انعطافة تليّن أياً من الموقفين باتجاه استئناف الحوار، وعلى هذا الأساس كان التحضير للقاء عبّاس ومشعل في دمشق. إلا أن الانعطافة جاءت انتكاسة بعد ما تسرّب عن رسالة بعث بها مشعل إلى الأمين العام للجامعة العربيّة، عمرو موسى، يشكّك عبرها في جديّة عبّاس في الحوار.
وتؤكّد مصادر مطلعة أن الرسالة، التي عرضها عباس على اجتماع لجنة متابعة الحوار في رام الله الأسبوع الماضي، كانت السبب في تجنّب أبو مازن لقاء رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلاميّة. وتشير المصادر إلى أن الرسالة تضمنت ثلاث ملاحظات، أولاها خاصة بالمبادرة اليمنيّة، التي يرى مشعل أنه «لا بأس بها، لكنها لم تأت بجديد». ويشير إلى أنها كانت نجحت «لولا الضغوط الأميركيّة».
وتوضح المصادر أن الملاحظتين التاليتين هما سبب الأزمة، إذ يعبّر مشعل في الرسالة عن خشيته من أن تكون مبادرة أبو مازن الحواريّة هادفة إلى «تغطية اتفاق وشيك يجري التوصل له مع الإسرائيليين، أو لتغطية هجوم إسرائيلي يُشنّ على قطاع غزة».
كان واضحاً، بحسب المصادر المطلعة، أن أبو مازن والأطراف «الفتحاويين» المشاركين في اجتماع لجنة المتابعة غير متحمسين لمحاورة «حماس»، وهو ما عبّر عنه صراحة السفير الفلسطيني في القاهرة، نبيل عمرو، الذي نصح بعدم استعجال فتح الحوار مع الحركة الإسلامية، والاستعاضة عن ذلك بحملة إعلاميّة على الحركة تسلّط الضوء على اتفاق التهدئة وقبولها «أقل مما كانت تطالب به فتح».
يبدو أن عدم الاستعجال يأتي في إطار توجهات عامة يرسمها أبو مازن، الذي أبلغ المجتمعين في رام الله أنه صدّ محاولة لعمرو موسى لبدء اتصالات عربية لبحث المصالحة الفلسطينية، على أساس أن الأجواء ليست مؤاتية.
وبدا واضحاً أن عدم الثقة بين الطرفين لا يزال على حاله. ففي إطار بحث إرسال وفد آخر من منظمة التحرير إلى غزة، كانت تعليمات أبو مازن واضحة، بحسب المصادر، إذ قال «مطلوب أن تذهب قيادات من الفصائل إلى غزة شريطة عدم اللقاء مع حماس، أما إذا صدف أن جاء أحد من حماس للسلام فلا مانع». وتابع قائلاً «لا تصدّقوا الحديث عن مرونة حماس»، مشدداً على أن «حماس في نهاية المطاف لا تريد محاورة أحد غير فتح». لكنه رفض هذا الخيار بالتأكيد على أنه «لن يكون هناك حوار ثنائي مع حماس».