Strong>تتصاعد حدّة الحرب الكلامية بين طهران وتل أبيب على وقع المناورات العسكريّة الإيرانيّة في الخليج، لكن التصريحات السياسيّة التي تصدر من هنا وهناك تؤكد، بحسب التفسير الإيراني، أن الحديث عن معركة يندرج في سياق الحرب النفسيّة أو الدعاية الإعلاميةهدّدت طهران أمس بضرب تل أبيب إذا تعرّضت لأي هجوم عسكري، في وقت طالبت الولايات المتحدة إسرائيل بعدم تنفيذ هجوم ضد الجمهوريّة الإسلاميّة.
وأوضح رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية، الأدميرال مايكل مولن، لقيادة الجيش الإسرائيلي، أن الولايات المتحدة لا تمنح «ضوءاً أخضر» لتل أبيب بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية.
ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيليّة أمس، عن الخبير الاستراتيجي الأميركي البروفيسور أنطوني كوردسمان، الذي يزور إسرائيل، قوله إن «مولن لم يحضر إلى إسرائيل (الأسبوع الماضي) لمجرّد الزيارة، بل مرّر رسالة واضحة مفادها أنه لا ضوء أخضر وإسرائيل لن تحصل على مساعدة من الولايات المتحدة لمهاجمة إيران».
وقال كوردسمان إن مولن عبّر عن موقف الإدارة الأميركية، بما في ذلك موقف الرئيس جورج بوش ومجلس الأمن القومي.
وأضاف الخبير الاستراتيجي الأميركي أن «الولايات المتحدة حدّدت موقفها بشكل واضح، والرئيس ووزير الدفاع روبرت غيتس وقادة أركان الجيوش قالوا: إننا نختار الآن القناة الدبلوماسية» للضغط على إيران لوقف برنامجها النووي، وخصوصاً وقف عمليات تخصيب اليورانيوم.
وأوضح كوردسمان أن «مولن أدلى بأقواله في واشنطن بصورة واضحة»، مشيراً إلى أن «ضباطاً كباراً في الولايات المتحدة لا يطلقون تصريحات تتضمّن مواقف كهذه من دون أن يحصلوا على مصادقة البيت الأبيض عليها».
في المقابل، أعلن ممثل المرشد الأعلى لدى الحرس الثوري الإيراني، علي شيرازي، أن إيران ستضرب تل أبيب والسفن الأميركية في الخليج ومصالح أميركية في مختلف أرجاء العالم إذا تعرّضت لهجوم بسبب خلاف على أنشطتها النووية.
وقال شيرازي، في كلمة أمام الحرس الثوري، إن «النظام الصهيوني يضغط على المسؤولين في البيت الأبيض لمهاجمة إيران. وإذا ارتكبوا هذه الحماقة فستكون تل أبيب والسفن الأميركية في الخليج الفارسي أول ما تستهدفه إيران وتحرقه»، مشيراً إلى أن «الأمة الإيرانية أمّة مؤمنين تؤمن بالجهاد والشهادة. ولا جيش في العالم يمكنه مواجهتها».
ورفض المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مارك ريغيف، التعليق على التهديد بضرب تل أبيب، واكتفى بالقول «كلمات شيرازي تعبّر عن نفسها».
وتزامنت هذه التصريحات مع مناورات بحريّة يجريها الحرس الثوري الإسلامي في الخليج، حسبما ذكرت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، التي قالت «تجرى الآن مناورات الرسول الأعظم 3، التي تشارك فيها وحدات بالستية جوية ووحدات بحرية من الحرس الثوري».
من جهته، رأى الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، عدم توافر إمكان لنشوب حرب بين بلاده والولايات المتحدة أو إسرائيل.
وعبّر نجاد عن اعتقاده بأن تل أبيب وواشنطن «تركّزان على الدعاية الإعلامية والحرب النفسيّة» ضد إيران، مشيراً إلى أن «هذا النوع من الحرب نكتة مضحكة.. وعرض ممتع جداً».
وأضاف، للصحافيين في كوالالمبور، «أؤكد لكم أنه لن يكون هناك أي حرب في المستقبل».
من جهة ثانية، رفض نجاد مسبقاً أي دعوة «غير شرعية» إلى تعليق تخصيب اليورانيوم من قادة مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى.
وقال نجاد، في رسالة نشرتها صحيفة «يوميوري شيمبون» اليابانية، إن قادة مجموعة الثماني «ربما يتصوّرون أنهم يستطيعون المحافظة على النظام القائم والتخلص من مشكلاتهم من دون الاهتمام باحتياجات الآخرين وكرامتهم.. لكن موقفاً كهذا ترجم بفشل متكرّر كما لو أنهم يسيرون بخطى متسارعة إلى حافة الهاوية»، داعياً قادة الدول الثماني إلى «قبول التغيير وتصحيح موقفهم».
وفي باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إريك شوفالييه، أن إيران «لم تشر إلى تعليق الأنشطة الحساسة» أي تخصيب اليورانيوم، في ردّها على عرض القوى العظمى الذي سلّمته الجمعة في شأن ملفها النووي.
وقال شوفالييه، خلال حديث صحافي، إن رد طهران «لا يأتي على ذكر تعليق الأنشطة الحساسة» في حين أن ذلك «عنصر أساسي متّصل» بالملف ترغب به القوى الكبرى.
وكان الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، قد أعلن أن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، سيتوجّه إلى إيران أواخر الشهر الجاري لتقييم تطور المواقف الإيرانية المتعلقة ببرنامج طهران النووي.
وقال ساركوزي، في مؤتمر صحافي على هامش قمة الثماني، «تقوم مجموعة الست بمبادرة تقضي بإرسال سولانا (إلى إيران) لإجراء نقاش ومعاينة معمّقة للفرق بين اقتراح الإيرانيين الحالي وما سبق أن وضع على الطاولة». وأضاف «عندما نحصل على النتائج، ستسعى كل دولة عبر قنواتها الخاصة إلى معرفة المزيد بشأن نوايا النظام الإيراني».
إلى ذلك، رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، محمد علي حسيني، الموقف الأخير لحكومة بريطانيا لجهة إدراجها الفرع العسكري لحزب الله لبنان على قائمة المجموعات الإرهابية أنه «لا قيمة ‌له». وقال إن اتّخاذ بريطانيا هذا الموقف «وهي التي أسست الكيان الصهيوني الإرهابي، ليس مستغرباً ويفتقد إلى أي قيمة». وأضاف حسيني أن «إنجازات حزب الله لبنان أثارت الفرح والسرور لدى جميع الأقطاب السياسية والطوائف اللبنانية، وكانت مثاراً للفخر والاعتزاز بين جميع دول المنطقة وشعوبها أمام اعتداء‌ات الكيان الصهيوني، ولهذا فإن مثل هذه المواقف للحكومة البريطانية تُعدّ أمراً انفعالياً وتشير إلى الإحباط السياسي للحكومة البريطانية في المنطقة».
(أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي أي)