أرنست خوريفيما لو صدقت تقارير السلطات التركيّة، التي كشفتها صحيفة «زمان» أمس، فقد تكون تركيا المكان الوحيد في العالم، حيث ينسّق القاتل مع المقتول. خلاصة غريبة مصدرها خبر غريب.
فقد أكّدت التحقيقات مع القياديّين الـ 58 لعصابات ergenekon، المعتقلين بدعاوى تشكيل منظّمة إرهابية تخطّط لتصفية «أعداء تركيا الداخليّين» وللانقلاب على النظام الحالي، أنّ علاقات وثيقة وتنسيقاً يربطان منذ فترة بين التنظيم الإرهابي وحزب «العمّال الكردستاني».
وعند استذكار أنّ الحزب الكردي المصنَّف «إرهابياً» من قبل حكومة أنقرة، كان منذ تأسيس ergenekon ولا يزال، الهدف الأهمّ بالنسبة لنشاطاتها الجرميّة، يصبح الموضوع شائكاً ومحيّراً، وخصوصاً أنّ التحقيقات التركيّة التي حصلت عليها الصحيفة، تتحدّث عن 3 وثائق تؤكّد التنسيق، لا بل الارتباط بين التنظيمين.
أساس الخبر ما قالت مصادر التحقيقات المولجة قضيّة العصابة السريّة إنها استطاعت نيله من شهادة أحد أبرز أسماء «الكردستاني» المعتقل لديها، شمدين صدّيق. فبحسب المصادر، فإنّ صدّيق اعترف أنّ علاقة الحزب الكردي والعصابة السريّة تتخطّى الاتصال، لتصل إلى التنسيق في العديد من العمليات التي ارتبطت بـ ergenekon.
ويعود تاريخ تقديم شهادة صدّيق، ذات المضمون المفاجئ، إلى الشهر الماضي، ويُتوَقَّع أن تكون أساساً في الدعوى التي أجمعت الصحف التركيّة أنّ القضاء سيبدأ النظر بها رسمياً في اليومين المقبلين.
وبحسب شهادة القياديّ السابق في «الكردستاني»، فإنّ الشخصيّة التي تولّت التنسيق مع المجموعة القوميّة الجرميّة، ليست سوى واحدة من أبرز أسماء الحزب الكردي: جميل باييك. أما من الطرف الآخر، فكان الوسيط رئيس «حزب العمّال»، دوغو برينشك (المعتقل منذ شهر آذار الماضي).
حتّى أنّ صدّيق أشار إلى أنّه تمكّن من العودة إلى الأراضي التركيّة رغم أنه مطارَد بتهمة «الإرهاب الكردي» عن طريق محمود يلديريم، وهو أحد أبرز أسماء المافيا التركيّة المطلوب من العدالة، ومعروف على أنه مرتبط بعلاقات قوية بجهاز الاستخبارات التركيّة وبشبكة ergenekon.
أكثر من ذلك، فبحسب شهادة صدّيق، فإنّ محاولة اغتيال النائب الحالي عن حزب «المجتمع الديموقراطي» الكردي (20 نائباً في البرلمان) في العام 1998، أكين بردال، حصلت بأمر من «الكردستاني»، لأنّ بردال «كان على علم بالارتباط بين الكردستاني وergenekon في قضيّة تهريب مشترك للمخدّرات». كما أنّ التنظيمين مرتبطين بعمليّة مجلس شورى الدولة الشهيرة التي حصلت في العام 2006، وقُتل فيها قاضٍ كبير في اسطنبول. وهي عمليّة تُعَدّ من بين الأكثر نوعيّة التي نفّذتها العصابة القوميّة السريّة.
ولم تكتفِ المصادر القضائية، التي سرّبت مضمون محضر التحقيق مع صدّيق، بهذا القدر من توريط «العمال الكردستاني» بقضيّة العصابة. فقد لفت الزعيم الكردي السابق إلى أنّ حزبه شارك في مجزرة فندق مديماك في مدينة سيفاس التي راح ضحيّتها 37 قتيلاً في العام 1993.
ويبدو أنّ هذه المعلومات لم تشفِ غليل السلطات التركيّة. فقد أقحمت اسم القائد الكردي، عبد الله أوجلان، في القضيّة. ورسمت معطيات شهادة صدّيق، سيناريو سينمائي. فمن المؤكّد أنّ الرواية التالية سيصعب على كثيرين تصديقها: الجنرال المتقاعد من الجيش التركي، والي كشك، وهو المعتقل حالياً بتهمة قيادة ERGENEKON، عزّز علاقات مع قياديي الحزب الكردي تخوّله التنسيق مباشرة مع أوجلان وذلك لإبقاء «العمال الكردستاني» تحت سيطرة مجموعات كشك.
وكان كشك يخطّط لاغتيال أوجلان فور استسلامه للقوات التركية، حتّى انه نوى انتظار اللحظة المناسبة لإرسال فرق ERGENEKON الخاصّة للسيطرة على معسكرات «الكردستاني» في جبال جنوب شرق تركيا.
في عالم العمل السري كل شيء ممكن، إلا أنّ كثيرين سيشكّكون في هذه الرواية التي على من يودّ تصديقها، أن يوغل في الاقتناع بـ«نظرية المؤامرة» ليتمكّن من فهم كيف يمكن لضحيّة أن تذهب برجليها إلى قاتلها بكامل إرادتها.