رفض وقف المفاوضات بانتظار «وعد من الأميركيّين» وبحث «مقايضة قانونيّة» لملء شواغر اللجنة التنفيذيّةحسام كنفاني
كرّست زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى دمشق يوم الأحد الماضي ما كان متداولاً في الأوساط الفلسطينية الداخليّة: لا حوار مع «حماس» قريباً والانفتاح الذي أبداه أبو مازن تجاه الحوار لن يكون دائماً.
هذه القناعة كانت محصّلة المشاورات الموسّعة التي أجراها عبّاس مع قادة الفصائل الفلسطينية في دمشق، ومنها الفصائل المصنّفة في خانة التحالف مع «حماس» على غرار «الجهاد الإسلامي» والجبهة الشعبيّة ــ القيادة العامة، التي حاولت أن تؤدي دور الوسيط بين عبّاس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، خالد مشعل، لتأمين لقاء بين الاثنين، إلا أن مساعيها منيت بالفشل.
وأكّدت مصادر مطلعة على تفاصيل زيارة عبّاس إلى العاصمة السوريّة أن العديد من المحاولات جرت لرأب الصدع الذي أحدثته رسالة مشعل إلى الأمين العام لجامعة الدولة العربية، والتي انتقد فيها الرئيس الفلسطيني، إلا أن أياً من المساعي لم تكلّل بالنجاح. وتشدّد على أن الزيارة انتهت من دون أي لقاء مع أي من قياديي الحركة الإسلامية، سواء سرّاً أو علناً.
وأشارت المصادر إلى أن قضيّة الحوار الداخلي لم تكن أولويّة في محادثات الرئيس الفلسطيني، الذي سعى خلال لقائه المسؤولين الفلسطينيين والسوريين، إلى تسليط الضوء على رسالة مشعل والاتهام بالتواطؤ الذي جاء في طيها. وأضافت إن أبو مازن استخدم الرسالة ليدلّل على عدم جديّة «حماس» في الخوض بحوار لإنهاء سيطرتها على قطاع غزّة.
وأكدت مصادر أن عباس استخدم وصف «كذّاب» للإشارة إلى خالد مشعل، قائلاً إنه «غير مستعد للقاء كذّاب». وأضافت إن الرئيس الفلسطيني أوضح أنه «غير مستعد للدخول في لقاءات بروتوكولية يستفاد منها على حسابه وتضعفه داخل فتح».
وركّز أبو مازن، بحسب المصادر نفسها، على التصريحات الهجوميّة الصادرة من قطاع غزّة، والتي رأى أنها «تطاول»، مشيراً على وجه الخصوص إلى ما قاله المتحدّث باسم «حماس»، سامي أبو زهري، الذي وصف مواقف عبّاس بأنها «تافهة»، إضافة إلى حديث القيادي في «حماس» محمود الزهار عن عدم امتلاك عبّاس ضوءاً أخضر أميركيّاً للجلوس إلى طاولة الحوار.
وأشارت المصادر إلى أن أبو مازن تطرّق أيضاً إلى زيارة رئيس الحكومة المقالة، اسماعيل هنيّة، إلى مقرّ الرئاسة الفلسطينيّة في قطاع غزّة (المنتدى)، وما رافقها من مظاهر عرض عسكري وسجاد أحمر.
ورأت المصادر المقرّبة من الرئاسة أن «توقيت الزيارة غير بريء وفيه الكثير من الاستفزاز، ولا سيما أن هنيّة سعى إلى الظهور كرئيس خلال جولته في المنتدى». وأضافت إن التصريحات والتصرفات «لا تدلّل على حسن النيّات» لدى الحركة الإسلاميّة، مشيرة إلى تسريبات في أروقة الرئاسة عن أن دعوة عباس إلى الحوار التي أطلقها في الرابع من حزيران الماضي ليست مفتوحة، وأنها «قد تغلق في 15 تموز الجاري».
وشدّدت المصادر على أن ما أعلن عن لقاء لـ 14 فصيلاً فلسطينيّاً ليس صحيحاً، مؤكّدة أن لا تحضيرات للقاء قريب من هذا النوع، واصفة إعلان السفير الفلسطيني في القاهرة، نبيل عمرو، عن هذا اللقاء بأنه جاء «من دون تنسيق مسبق». وأضافت إن المصريين مشغولون حالياً بمعبر رفح خشيّة تكرار المواجهات ويحضّرون لصفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
وأشارت المصادر إلى أن محادثات عبّاس تطرقت إلى مفاوضات السلام مع إسرائيل، موضحة أن ممثلي الفصائل طالبوه بوقفها، باعتبارها «تضعف موقع الرئاسة ولا تدعمه ولم تحرز أي تقدّم»، إلا أن جواب أبو مازن كان أن المفاوضات «كشفت حقيقة المشروع الإسرائيلي»، معتبراً أن الدخول فيها كان سبباً أساسيّاً للموقف الفرنسي، ألذي أطلقه الرئيس نيكولا ساركوزي، لجهة هجومه على الاستيطان.
وأضافت المصادر إن عباس تمسّك بالاستمرار في المفاوضات، مشيراً إلى أنه «موعود من الولايات المتحدة بإحراز تقدّم من الآن إلى نهاية العام»، وأنه دعا إلى منحه فرصة لرؤية ما قد يقدّمه الأميركيون خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وكان لملء شواغر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينيّة حصّة في محادثات عبّاس مع ممثلي الفصائل المنضوية في إطار المنظمة. وأشارت المصادر إلى أن الحديث دار حول نوع من «المقايضة القانونيّة» التي قد يتم اللجوء إليها للموافقة على خطّة عباس لملء الشواغر من دون اجتماع المجلس الوطني. وتضيف إن الفصائل طالبت الرئيس الفلسطيني بإصدار قانون انتخابات للمجلس الوطني من دون إجراء انتخابات، باعتبار أن الحال الفلسطينية لا تسمح بذلك، في مقابل الموافقة على قيام اللجنة التنفيذية بملء الشواغر بناءً على المادة 14 من النظام الداخلي للمنظمة، التي تنص على أحقيّة اللجنة التنفيذية بذلك في حال تعذّر اجتماع المجلس الوطني.