بول الأشقرويتّفق المراقبون على أن هذا التحرّك كان شاملاً في جنوب البلاد وفي المناطق الأمازونية، وجزئياً في العاصمة، فيما وصفه الأمين العام للاتحاد العمّالي، ماريو وامان، بـ«الأكثري، وقد بدت المدينة في يوم عطلة».
وقال الرئيس غارسيا، بعد الإضراب، «لست أصمَّ... حوالى ستين في المئة من الناس غير راضين وهذا حقهم، وسنحاول أن نعمل ما بوسعنا».
أمّا رئيس الوزراء، ديل كاستيو، فقد رأى من جهته، أن «أقّل من عشرة في المئة من المواطنين لبّوا الدعوة، ونعمت العاصمة بيوم عمل عاديّ».
ويأتي هذا الإضراب بعد أسابيع من توتّر لم تكن الحكومة غائبة عنه، إذ أنزلت الجيش إلى الشوارع، وأنتجت دعايات على التلفزيون لتخويف المواطنين من المشاركة في الإضراب «المسيّس والمهدّد لاستقرار البلد». في حين كانت قد سبقت هذا الإضراب تحرّكات فلاحيّة منذ بداية الأسبوع. وكانت مطالب الإضراب متعددة ومتنوعة، بينها إقالة رئيس الوزراء، وزيادة الأجور للتعويض عن ارتفاع سعر الأغذية، وإلغاء القوانين التي أجازت خصخصة الممتلكات المشاعية في المناطق وفي الأمازون، وأيضاً بخصخصة المرافئ وشبكات المياه، إضافة إلى إلغاء معاهدة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة.
أمّا القاسم المشترك الوحيد في التحرك فقد كان التشكيك بصدقية الرئيس غارسيا، ذي الشعبية المتدهورة، ومطالبته بالتزام الوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية.
والرئيس غارسيا هو أحد السياسيين الأكثر حنكة في تاريخ أميركا الجنوبية المعاصر، وقد عاد إلى السلطة عام 2006 بعد ربع قرن، مستغلاً الخوف من وصول المرشح الـ«تشافيزي»، أوونتا هومايا.
ودلّ نجاح الإضراب العام في عدد من المناطق على أن الفوارق المناطقية والعرقية (45 في المئة من سكان البيرو هم من الهنود) صارت عناصر فرز بأهمية الفوارق الاجتماعية أو ربما أهم منها.
وكان الاتحاد العمالي حمّال مطالب شتى، سلكت بواسطة هذا التحرك الذي ينوي تجميع صفوفه الآن في إطار يحمل اسم «مجلس الشعوب» قبل نهاية السنة.
ورأى المعلق ميركو لاوير، في جريدة «لاريبوبليكا»، واصفاً الإضراب بـ«تحرك نصف الولاية»، أن الطرفين أعطيا نماذج بيّنة كيف ينويان خوض انتخابات عام 2011: من جهة المعارضة، تجميع جميع المطالب وتسييسها بغض النظر عن التكامل بينها. ومن جهة الحكومة التخويف بالإرهاب وبهروب الاستثمارات وبالتدخلات الخارجية.
واستغلت الحكومة دون ملل منذ أسبوعين تصريحاً للرئيس البوليفي إيفو موراليس دعا فيه أهل البيرو إلى النضال ضد إنشاء قاعدة عسكرية على أراضيهم. وقد رأت فيه الحكومة «دعماً للإضراب، وتدخلاً سافراً في شؤوننا الداخلية»، واستدعت سفيرها لمشاورات طارئة.