حيفا ــ فراس خطيبخضع رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، أمس، لتحقيق هو الثالث في قضية فساده المالي. واستمر التحقيق ساعتين ونصف الساعة، ويبدو أنّ التوتّر ساد بين أولمرت والمحققين. وتوحي جميع المعطيات أنّ وضع الرجل يسير من سيّئ إلى أسوأ، إذ أصدرت الشرطة والنيابة العامة، بياناً بعد انتهاء التحقيق مباشرة، أظهر توسيع حلقة الشبهات حول أولمرت وتضييق الخناق القضائي عليه.
وأكّد البيان أنّ رئيس حكومة الدولة العبرية حصل على «تمويل مزدوج» لنفقات مهامه وسفراته في السنوات الماضية. حتّى إنّ «أولمرت وعائلته تمتعوا بمئات آلاف الدولارات حصلوا عليها عبر الغش والخداع عندما طلب أولمرت من جهات عديدة تمويل الرحلة الجوية نفسها».
وأشارت الشرطة والنيابة العامة إلى أنه عندما شغل أولمرت منصب وزير الصناعة والتجارة ورئاسة بلدية القدس المحتلة، درج على تلقي تمويلاً لسفراته الخارجية من الدولة، ومن جهات آخرى في آن واحد وللهدف نفسه، لكن بشكل منفصل، بحيث يكون أولمرت قد تلقى تمويلاً مزدوجاً.
ودخل عنصر جديد إلى قضيّة فساد أولمرت، بعدما ذُكرت علاقته بشركة السفريات «ريشون تورز»، التي «كانت ترسل إلى كلّ جهة مموِّلة فواتير باسمها وكأن الجهة المذكورة غطّت وحدها نفقات الرحلة».
وأشارت النيابة العامة والشرطة إلى أنَّ المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية مناحيم مازوز، صادق قبل أسابيع على توسيع نطاق التحقيق الجنائي حول أولمرت بما يتعلق بالشبهات الجديدة، وعلى علاقاته وأسفاره الجوية الخارجية في السنوات الماضية.
في المقابل، ردّ المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة، أمير دان، على البيان بنوع من السخرية، إذ قال: «الأرض تهتز، والسماء لم تسقط»، موضحاً أنّ «التحقيق سار بموضوعية، وتمحورت الأسئلة حول الوظيفة التي أدَّاها أولمرت مبعوثاً أثناء تولّيه مناصب مختلفة رئيساً للبلدية ووزيراً، وخطيباً مطلوباً على الساحة الدولية».
وكانت صحيفة «هآرتس» قد نقلت في عددها أمس عن مسؤول في سلطة تنفيذ القانون الإسرائيلية، تصريحات لمّح من خلالها إلى خطورة الشبهات الموجهة إلى أولمرت. واعترف المصدر القضائي بأنه «لو كان المشتبه فيه مواطناً عادياً لاعتقلته الشرطة»، وهو ما يكشف صعوبة الوضع القانوني الذي وصلت إليه قضية فساد أولمرت.
صعوبة وضع أولمرت قضائياً لا يضاهيها سوى تعقيد وضعه في قيادة حزبه «كديما»، حيث قال نائب رئيس الحكومة حاييم رامون، المعروف أنه أحد أقرب المقربين من أولمرت، إنّ على المرشَّح الذي سينتخبه الحزب في المرحلة التمهيدية في أيلول المقبل، «أن يبدأ العمل من أجل تأليف حكومة بديلة».
وتابع رامون: «على أولمرت الاستقالة فوراً من منصبه بعد الانتخابات التمهيدية، وعليه أن يخلي الطريق لرئيس الحزب الجديد لتأليف حكومة بديلة»، من دون أن ينفي صعوبة تأليف وزارة جديدة، تاركاً المجال مفتوحاً أمام استمرار أولمرت في منصبه حتى آذار أو نيسان 2009.
وكان «كديما» قد بدأ رسمياً أول من أمس مسيرة إطاحة أولمرت، عندما صادق مجلس الحزب على الاتفاق الذي عُقد مع «العمل» قبل أسبوعين، لتنظيم انتخابات تمهيدية داخل «كديما» في 14 و15 أيلول المقبل، على أن يكون الرئيس المنتَخَب للحزب، هو المرشح لرئاسة الحكومة. غير أنّ المصادقة النهائيّة على البند الأخير من الاتفاق لم تتمّ، نظراً لعدم توافر النصاب القانوني الكافي.
وبحسب استطلاع لرأي محازبي الحزب الحاكم نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تبيّن أن وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لا تزال تحظى بأعلى مستوى من الشعبية، مع 41 في المئة من التأييد، متقدّمة على شاؤول موفاز وآفي ديختر ومئير شطريت.