بعد إعلان معظم الكتل العراقية الرئيسية خلال الأيام الماضية عن معارضتها توقيع الاتفاقية الطويلة الأمد مع واشنطن، ارتفعت حدّة التصريحات الرسمية المنتقدة للمعاهدة، وآخرها تأكيد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي أمس وجود «إجماع وطني عراقي» على رفض مسودتها. وأشار الهاشمي، خلال لقاء نظمته الجمعية الأردنية للعلوم والثقافة في عمّان أول من أمس، إلى أنّ «العراق لن يقبل بأي صيغة تمسّ سيادته ولا تكون في صالحه أو لا تحقق السيادة العراقية على أرضه».وكان المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ كشف أوّل من أمس عن أن «لدى الجانب العراقي رؤية ومسودة تختلف تماماً عن رؤية الجانب الأميركي ومسودته».
لكنّ وزير الخارجية هوشيار زيباري، خفّف من حدة التصريحات العراقية المعارضة للمعاهدة المذكورة، قائلاً إنّ «المفاوضات مستمرة وحققت تقدماً كبيراً، وخاصة ما يتعلق بوضع القوات (في العراق)».
وكان هذا الموضوع محور اجتماع بين رئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى عبد العزيز الحكيم الذي أصدر أخيراً موقفاً معارضاً لتوقيع المعاهدة بحسب مسودتها الحاليّة.
وقال بيان صادر عن «المجلس»، إنّ المالكي والحكيم بحثا «القضايا المتعلقة بالاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، والأطر الوطنية التي يجب على أساسها توقيع هذه الاتفاقية أو أي اتفاقية أخرى مع أي طرف أجنبي»، من دون أن يشير البيان إلى حصيلة اللقاء.
والاتفاقية المذكورة، واجهت حتى الآن بوادر رفض واسعة من الكتل السياسية العراقية، وبالأخص تلك الموالية لإيران، كالمجلس الإسلامي الذي يمثّل العمود الفقري لـ«الائتلاف العراقي الموحد» الحاكم، والتيار الصدري، الذي باشر منذ يوم الجمعة الماضي تنظيم تظاهرات منددة بها.
ونفى السفير العراقي لدى طهران، مجيد الشيخ، «الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام بخصوص التوقيع على اتفاق أمني بين العراق وأميركا»، موضحاً أن البلدين يجريان حالياً مشاورات، ولم يجرِ التوقيع على أي شي‌ء بهذا الشأن.
وانتقد الشيخ، في حديث لوكالة «إرنا» الإيرانيّة الرسمية، «الحملات الموجّهة» من بعض وسائل الإعلام ضد الاتفاقية، مؤكداً أن الأخيرة «ستكون في إطار مصالح الشعب العراقي وشعوب المنطقة وحكومات المنطقة ومصالح العالم كله».
وكان الدباغ أعلن أنّ المالكي سيقوم خلال الأسبوع الجاري، بزيارة إلى طهران التي تعارض توقيع اتفاقية بين واشنطن وبغداد. وأشار المتحدث الحكومي إلى أنّ «جزءاً من المحادثات سيناقش موضوع أدلة التدخل الإيراني في العراق. وسنتكلم أيضاً عن العلاقة مع إيران بشكل كامل». ولم يشر المسؤول الحكومي إلى أسماء الوفد المرافق للمالكي، مكتفياً بوصف البعثة بـ«الأمنية ـــ السياسية».
على صعيد آخر، أكد الدباغ أنّ بغداد مهتمّة بشراء أسلحة فرنسية متطوّرة، للمساعدة في تزويد الجيش بالعتاد لتأهيله ليتسلّم المهمات الأمنية من «قوات التحالف»، مشيراً إلى أن المالكي أبلغ وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير بهذا الأمر خلال زيارة الأخير إلى بغداد في اليومين الماضيين.
وكشف المتحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، اللواء محمد العسكري، أن وفداً عراقياً رفيع المستوى من الوزارة سيزور فرنسا «خلال الأيام المقبلة، للاطلاع على الصناعات التسليحية»، مؤكداً «عزم وزارة الدفاع على إعادة التعاون العسكري مع الفرنسيين».
ميدانياً، اعترف الجيش الأميركي بمقتل أحد جنوده في شمالي شرقي بغداد. كما سقط نحو أربعة عراقيين في أعمال عنف متفرقة.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي أي)