بول الأشقربعد خمسة وعشرين يوماً من استفتاء مقاطعة سانتا كروز البوليفية بشأن «الحكم الذاتي»، أجرت أول من أمس محافظتا بيني وباندو الشرقيتان استفتاءاتهما الخاصة بنتيجة مماثلة. ونال مؤيدو الإدارة الذاتية أكثر من ثمانين في المئة من الأصوات، تحديداً 81 في المئة في محافظة «بيني» و83 في المئة في محافظة «باندو». على غرار ما حصل مع سانتا كروز تماماً.
في هاتين المحافظتين، وخصوصاً باندو، الأصغر بسكانها في بوليفيا، يكمن الفارق الأساسي مع استفتاء سانتا كروز في نسبة المقاطعة؛ خيار الموالين الذين لا يعترفون بشرعية هذه الاستفتاءات: في محافظة بيني وصلت المقاطعة إلى 35 في المئة من الناخبين، فيما ارتفعت هذه النسبة إلى أكثر من 48 في المئة في باندو، ما يدلّ على قساوة التجاذب في هذه المحافظة الغنيّة بالمعادن. وكانت حصيلة اليوم الانتخابي في هذه المحافظة، قتيلاً موالياً وأكثر من ستين جريحاً. أماّ في محافظة بيني، التي تتميّز بتربية المواشي، فقد أقفلت النقابات الفلاحيّة بعض مراكز الاقتراع في المنطقة الريفية، فيما هاجمت مجموعات من «شبيبة سانتا كروز» على دراجاتها النارية مراكز المنظمات الهندية والفلاحية.
بذلك، تكون محافظات «نصف القمر»، (الشرقية) قد استكملت استفتاءاتها، وسيجري الآن الاستفتاء الأخير المتبقي في 22 حزيران في محافظة تاريخا، الموازية للمحافظات الشرقية، حيث تتمركز موارد بوليفيا في الغاز الطبيعي.
من جهتها، جدّدت الحكومة موقفها المعادي لهذه الاستفتاءات التي وصفها المتحدث باسمها، الوزير ألفريدو رادا، بـ«المشبوهة، لأنها تلحق الأذى بمسألة الحكم الذاتي التي هي مطلب شرعي اعترف به الدستور الجديد، وسيصبح نافذاً بعد إقرار هذا الأخير». ورأى رادا أن «طريق الحكم الذاتي يجب أن يكون شرعياً وديموقراطياً عن حق، وقائماً على الدستور الجديد، وليس بواسطة هذه الوسائل الملتوية التي تجددت أمس (الأحد) على شاكلة ما حصل قبل شهر في سانتا كروز، أي الانقسام الحاد بين المواطنين وشحن العنف بين أفراد الشعب الواحد، ناهيك عن تبديد موارد المناطق في ما يمثل مجرد استفتاء رأي».
إلى جانب الأزمة بين كولومبيا والإكوادور، كان الوضع «المقلق» في بوليفيا، الموضوع الأساسي الآخر الذي تطرّق إليه الأمين العام لمنظمة الدول الأميركية، ميغيل إنزولا، في اجتماع المنظمة الذي بدأ أمس في ميديين كولومبيا، داعياً إلى «حوار حقيقي بين الحكومة وحكّام المناطق الاستقلالية».
لكن هذا الحوار لن يشقّ طريقه من المعارضة التي تستمر في مقاطعتها حتى استفتاء «تاريخا» بغية تجميع أوراقها. من جهته، استغل الرئيس البوليفي إيفو موراليس الوقت لتقوية موقفه بين دول أميركا الجنوبية، خلال القمة الأخيرة التي جمعت هؤلاء في برازيليا قبل أسبوعين لإطلاق «الأوناسور»، منظمة دول أميركا الجنوبية. ويرجح أن يحظى موراليس بدعم إجماعي في أميركا الجنوبية لمنع أي مغامرة «انفصالية».
ولمنع هذا الاحتمال، لموراليس الآن سلاح إضافي، بعدما تبنت المعارضة مشروعه لإجراء استفتاء شعبي بشأن استمرار ولايته الرئاسية، وأيضاً ولايات حكام المناطق الثمانية، التي عيّن موعدها في العاشر من آب. وإذا كان أفق الاستفتاء، حيث من المرجح أن يفوز موراليس بعكس عدد من حكام المناطق، يعيد للرئيس البوليفي المبادرة على الساحة الداخلية الوطنية، فإنه لن يكون وحده قادراً على معالجة الشحن العرقي المتزايد في بوليفيا. إذ إنه بعد أسبوع من قمة برازيليا، مُنع من الحضور إلى مدينة سوكر للمشاركة في حفل عام في الجامعة، فيما جُرّد حوالى خمسين مسؤولاً هندياً من لباسهم التقليدي وأجبروا على الركوع في ساحة المدينة.
وللتحقيق في «الحادث الخطير والعنصري والبغيض»، وصلت أمس أيضاً إلى بوليفيا لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.