افتتح قادة العالم، في العاصمة الإيطالية أمس، قمة «أزمة الغذاء»، حيث صدرت دعوات إلى إعادة تقويم السياسات الزراعية والتجارية، فيما انقسم المجتمعون حول موضوع الوقود الحيوي وتأثيره على ارتفاع الأسعار.ورأى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أنّ إنتاج الغذاء يجب أن يرتفع بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030 لتلبية حاجة الأسواق العالمية، ومواجهة الفقر. وأشار إلى أنّ اللجنة التي ألّفها للتعامل مع الأزمة رفعت توصياتها إلى الدول بأن «تُوفر وصول الأشخاص إلى الغذاء بشكل أفضل وتتخذ إجراءات فورية لتوفير الكميات الغذائية المطلوبة في مجتمعاتهم». وهذا يعني زيادة المساعدات الغذائية، وتزويد المزارعين الصغار بالبذور والأسمدة في الموسم الزراعي لهذه السنة، وخفض القيود التجارية من أجل المساعدة على تدفق السلع الزراعية عبر الحدود.
ويقول الخبراء إن استخدام المواد العضوية النباتية والحيوانية لإنتاج الوقود الحيوي مع ارتفاع أسعار النفط العالمية أسهما في رفع أسعار السلع الغذائية، لذلك دعا بان إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الإجماع الدولي على الوقود الحيوي.
وانتقدت منظمة «أوكسفام» الخيرية استخدام المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي. وذكرت، في تقرير قُدّم للقمة، أن «الدول تبرّر مساعيها لإنتاج الوقود الحيوي بإتاحة سبيل للحد من الانبعاثات الناجمة عن النقل وتحسين أمن الطاقة». وتابعت: «لكن هناك أدلّة علمية متزايدة على أنّ دعم سياسة الوقود الحيوي يسرّع بالفعل بخطى التغيرات المناخية بسبب الاتجاه للتوسع في الزراعة في محميات هامة مثل الغابات والمستنقعات». وتُشير المنظمة إلى أنّ تأثير الوقود الحيوي على أسعار الغذاء يتجاوز 30 في المئة.
في المقابل، قال رئيس الوفد الأميركي إلى المؤتمر، وزير الزراعة إيد شافر، إنّ الوقود الحيوي أسهم بنسبة 2 إلى 3 في المئة فقط من أصل 43 في المئة زيادة على الأسعار هذا العام.
وتُوجّه الولايات المتحدة نحو ربع إنتاجها من الذرة لإنتاج الإيثانول بحلول عام 2022، ويعتزم الاتحاد الأوروبي توفير عشرة في المئة من وقود السيارات من الطاقة الحيوية بحلول عام 2020. وناشد كبار الصناعيين في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا قادة دول العالم تفادي أي إدانة أو تحرك متسرّع قد يضرّ بتقبّل العالم لأنواع الوقود البديلة.
من جهته، قال المدير العام لمنظمة «الفاو» جاك ضيوف إنّ الهدف الذي وضعته الأمم المتحدة في القمة الألفية لخفض نسبة الجوع في العالم إلى النصف مع حلول عام 2015 لن يتحقق إلا في عام 2150، فيما دعا نائب المدير العام للمنظمة، جيم باتلر، إلى «إعادة الاستثمار وتقويم السياسات الزراعية».
أما رئيس البنك الدولي روبرت زوليك فرأى أنّ ارتفاع أسعار الغذاء يهدّد بسقوط 30 مليون أفريقي في براثن الفقر، في الوقت الذي يُعاني فيه 800 مليون نسمة حول العالم من سوء التغذية. وحثّ قمة أزمة الغذاء على التحرّك الفوري لتقديم المساعدات للدول الأكثر عرضة للخطر.
وفي رسالة إلى مندوبي الدول الذين يحضرون المؤتمر، قال البابا بنديكتوس السادس عشر: «لا يمكن قبول الجوع وسوء التغذية في عالم يمتلك مستويات إنتاجية وطاقات علمية كافية لوضع حد لهذه المآسي ولعواقبها»، داعياً الدول إلى إيجاد حلول للأزمة، لأن ملايين الناس في الدول غير المستقرّة تعتمد عليهم لحل المشكلة. وأشار إلى أنّ «العولمة المتنامية للأسواق لا تضمن دائماً توفير الغذاء، وغالباً ما تخضع أنظمة الإنتاج إلى حدود بنيوية، وسياسات وقائية أو مضاربات تجارية تضع شعوباً بأكملها على هامش عملية التطور».
ويشارك نحو 44 زعيماً، من بينهم رؤساء وزراء اليابان وفرنسا وإسبانيا وروساء دول نامية مثل البرازيل والأرجنتين وقادة العديد من الدول الأفريقية، بينهم رئيس زيمبابوي روبرت موغابي الذي أثار وجوده مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الكثير من الاعتراضات. ولفتت تقارير لوسائل الإعلام الإيطالية إلى أنّ موغابي ونجاد لم يُدعَوا إلى عشاء الحكومة الإيطالية.
وقال نجاد، قُبيل مغادرته بلاده متوجّهاً إلى القمة: «يمكن أن تؤدي إيران دوراً حاسماً للخروج من الأزمة العالمية الحالية المتعلّقة بالأسعار المرتفعة ونقص المنتجات الغذائية والزراعية».
وذكرت وزارة الخارجية الإيطالية أنّ الحكومة الإيرانية لم تقدّم طلباً رسمياً للقاءات ثنائية بين نجاد ورئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو برلوسكوني.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)