محمد بديرووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، تهديدات موفاز بأنها عديمة المسؤولية، ولمّح إلى أنها تأتي في إطار المنافسة الداخلية في حزب «كديما» على خلافة رئيس الوزراء، إيهود أولمرت.
وأشارت تقارير إعلامية إسرائيلية أمس إلى أن تصريحات موفاز فاجأت كبار المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء، إيهود أولمرت، ووزراء من حزبي «كديما» و«العمل».
وعبّرت مصادر في مكتب أولمرت عن استيائها لهذه التصريحات، وربطت بينها وبين الارتفاع الحاد الذي طرأ على أسعار النفط في أعقابها، وبلغ نسبة تسعة في المئة.
وحذرت المصادر نفسها من أن كلام موفاز قد يسهم في توليد انطباع خاطئ بأن أولمرت اتفق خلال لقائه الرئيس الأميركي جورج بوش في واشنطن الأسبوع الماضي على أمور نهائية تتعلق بهجوم محتمل على إيران.
من جهته، اتهم نائب وزير الدفاع، ماتان فيلناي، موفاز بـ«تحويل واحد من أكثر القضايا الأمنية استراتيجية إلى لعبة سياسية»، مشدداً على أن استخدام مواضيع كهذه «لأغراض داخلية تتعلق بحملة (انتخابية) مستقبلية في كديما هو أمر لا يجب أن يحدث». ودعا فلنائي موفاز إلى الصمت وإبقاء الشؤون الأمنية «لمن يعتني بها».
كما تصدى مسؤولون من داخل المؤسسة الأمنية لموفاز، فرأى بعضهم أنها «ضارة» و«تزيد الصعوبة في إقناع مزيد من الدول بتصعيد عقوباتها على إيران»، فيما رأى آخرون أنها تتعارض مع السياسة الرسمية الإسرائيلية التي تشدد على أن البرنامج النووي الإيراني هو مشكلة عالمية «لا إسرائيلية خاصة»، لافتين إلى معرفة الوزير الإسرائيلي بوجود قرار إسرائيلي يقضي بألا تقف إسرائيل في صدارة الجهود الدولية ضد إيران.
ولم تنتظر إيران طويلاً لتسجل احتجاجها الرسمي على تصريحات الوزير الإسرائيلي ضدها، فعمدت إلى توجيه رسالة، في اليوم نفسه، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، تطالبه فيها برد حازم عليها. وجاء في الرسالة التي وجهها سفير إيران إلى الأمم المتحدة، محمد الخزاعي، أن «مثل هذا التهديد الخطير ضد دولة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة يمثّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ويتعارض مع معظم المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي يتطلب رداً حاسماً وواضحاً من جانب الأمم المتحدة، وبوجه خاص من جانب مجلس الأمن». وأضافت الرسالة: «إن تاريخ مجلس الأمن في التقاعس عن اتخاذ إجراء ضد إسرائيل شجعها على مواصلة، بل وزيادة أعمالها وسياساتها غير المشروعة».
ولم تتأخر الصحف الإسرائيلية عن مواكبة موجة الانتقادات السياسية لموفاز، فخصص كبار المعلقين فيها مقالاتهم لكيل توبيخاتٍ قاسية ضده. وخصصت صحيفة «معاريف» صفحة كاملة لهذا الموضوع عكست مقاربتها له من العناوين فيها ومنها: «فم كبير» و«ضرر مؤكد» و«كيد مرتد».
وكتب بن كسبيت: «لو كان موفاز وزير دفاع اليوم لطلب إقالة وزير النقل على الفور. ذلك لأن الضرر العملاني، والجماهيري، والمعنوي والإعلامي الذي سببته أقواله جسيم».
وأضاف: «فجأة أصبح (الرئيس الإيراني محمود) أحمدي نجاد هو المجني عليه، (وأصبحت) إيران في موقف دفاعي إزاء اليهود المجانين».
وفي الصحيفة نفسها، رأى عامير رابابورت أن على الإسرائيليين أن يبدأوا بالشعور بالقلق عندما يسمعون زعماءهم يثرثرون حتى الجنون، مضيفاً: «من الصعب إيجاد منفعة ما في الأقوال التي أطلقها موفاز، باستثناء تسجيل بعض النقاط في المعركة على منتسبي كديما في الصراع السياسي ضد تسيبي ليفني».
ورأى رابابورت أنه «حتى لو اعتقد موفاز أن احتمالات بلورة ائتلاف عالمي لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية بوسائل عسكرية أو اقتصادية قد انتهت، وعليه ستكون إسرائيل ملزمة بالهجوم في نهاية المطاف، فإن أقواله تلحق الضرر. فالهجوم على إيران هو في كل الأحوال حملة عسكرية معقدة للغاية، وعليه فمن الأفضل القيام بكل الاستعدادات للهجوم من دون دفع الإيرانيين إلى زيادة حالة التأهب، بالضبط مثلما فعلت إسرائيل حين هاجمت المنشآت النووية في سوريا، قبل تسعة أشهر، من دون أن تهدد مسبقاً بأنها ستفعل ذلك».
من جهته، قال المحلل الاقتصادي في «يديعوت أحرونوت»، سفير بلوتزكر، إن موفاز يقدم، عبر تصريحاته، دعماً لإيران التي هي رابع أكبر منتج للنفط في العالم. وأوضح قائلاً إن «الثرثرة عن كيف (سنهاجمكم وندمركم) لن تردع صناع القرار في طهران، بل ستدفع أسواق النفط إلى الجنون... ومن المستفيد من ذلك؟ طهران».
أما تسفي بارئيل في صحيفة «هآرتس» فقد رأى أن موفاز نجح بشكل مثير في «تحويل تهديدات إيران وسوريا إلى سياسة داخلية له ولكديما». وكتب بارئيل موضحاً أن «الهجمة على إيران وإلغاء وجود (الرئيس بشار) الأسد ورفض عملية التهدئة هي العمود الفقري لهذه السياسة، الأمر الذي يعفيه من اقتراح حلول حقيقية لهذه المعضلات». وأضاف: «خذوا أحمدي نجاد والأسد من موفاز فيبقى من دون شيء».